احذروا.. الجيش الشعبي اليوغسلافي ينهض بيننا بمرجعية إيرانية

عندما أراد الغرب تفكيك جمهورية يوغسلافيا الاشتراكية الاتحادية، آخر حصون الشيوعية في أوروبا، لجأ إلى الحرب الأهلية لإعادة رسم الخارطة الجغرافية السياسية من جديد، فكان التطهير العرقي وجرائم الإبادة سيد الموقف، وكان أكبر المتضررين من هذه الجرائم هم المسلمون خلال حرب البوسنة والهرسك، وبطل الجريمة آنذاك ميليشيا الجيش الشعبي اليوغسلافي التي كانت يد الصرب الضاربة.
هذه الميليشيات شردت 2.7 مليون مسلم بين نازح ومهجر، واستخدمت أساليب عنف ووسائل مستلهمة من الإرهاب ضد السكان المسلمين فأحرقت واعتقلت بشكل تعسفي، وأجرت حملات إعدام خارج نطاق القضاء، واغتصبت عشرات آلاف المسلمات، ونفذت حملات عسكرية ضد مدن المسلمين فأحالتها إلى خراب، وسرقت ودمرت الممتلكات والمزارع بشكل متعمد، ودمرت مئات المساجد، كل ذلك بدعم من صربيا بين الأعوام 1992-1995، حتى انتهى كل شيء وتقسمت يوغسلافيا إلى دول عدة، تحرك الناتو وقصف هذه الميليشيات ثم أقاموا المحكمة الجنائية الدولية ليوغسلافيا التي أقرت أن ما حدث كان جرائم ضد الإنسانية.
اليوم نعيش في قلب المشهد ذاته وفي ظروف مشابهة، فالغرب يريد إعادة رسم الخارطة الجغرافية السياسية للدول العربية مستخدماً الحروب الأهلية وجرائم الإبادة وبطلها الميليشيات الشيعية التي توحدت تحت عنوان الحشد الشعبي في العراق، فأخذت دور الجيش الشعبي اليوغسلافي، تقف خلفها إيران التي أخذت دور صربيا، علماً أن هذه الميليشيات لا يقتصر وجودها على العراق وإنما هي في كل الدول العربية التي لإيران فيها أتباع، وهم عبارة عن خلايا نائمة سبق وأن تدربت في إيران وتم إعدادها للظهور في الوقت المناسب.
هذه الخلايا بدأت اليوم بالتململ ويراد لها أن تكون امتداداً لتلك التي في العراق والتي بلغ قوامها اليوم 124 ألف عنصر، أعمالها تطابق أعمال الجيش الشعبي اليوغسلافي، فقد شردت من العرب السنة أكثر مما شرد الصرب واعتقلت ونفذت حملات إعدام ميدانية خارج القضاء، واجتاحت ودمرت مدناً وهدمت مساجد وجرفت مزارع وعبثت بممتلكات ودور المواطنين، واستخدمت أساليب عنف إرهابية كما فعل الصرب، كان آخرها حرق شاب من أهالي منطقة الكرمة القريبة من الفلوجة يوم السبت الماضي، أخذوه من داره وعلقوه وأضرموا النار تحته لتأكله وهم يرقصون حوله ويتوعدون، وليس في فعلهم هذا جديد فهم يكررونه بشكل مستمر، كما أنه لا يوجد خرق في هذا العمل فهو دورهم الذي كلفوا به، الخرق الوحيد الذي حصل أنهم صوروا وبثوا على مواقع التواصل الاجتماعي وهم لديهم تعليمات بالتنفيذ دون التصوير.
ما يقلق في هذا الخطر هو التعاطي الشعبي معه في الخليج، فكثير من الناس عندما يسمع به يقول بلدنا ليس كالعراق، وينظر إلى عراق اليوم المحطم، لكن علينا ألا ننسى أن العراق كان عملاقاً بين الدول العربية ولم يكن هذا حاله والعراقيون كلهم مدربون ويجيدون استخدام الأسلحة، ومع كل ذلك وقع بيد الميليشيات، كما أن العراقيين أنفسهم وقعوا بذات الخطأ عندما تهاونوا مع الأمر وقالوا نحن لسنا كلبنان ولا يمكن لإيران أن تتمكن منا، فالحذر كل الحذر من القادم.

بقلم: د. فراس الزوبعي