تدرون.. أكبر مصائبنا سببها «حمار وفيل»!

لا تستغربوا كثيراً من العنوان فهذه حقيقــــة؛ «حمـــار وفيـــل» يتعانـــدان ويتنافسان بينهما، فندفع نحن ثمن ذلك العناد والتنافس.
«الحمار» هو شعار الحزب الديمقراطي الأمريكي، و»الفيل» هو شعار الحزب الجمهوري الأمريكي، أما كيف أصبح الأول حماراً والثاني فيلاً؟
بالنسبة للديمقراطيين قصتهم مع الحمار كان سببها مرشحهم لانتخابات الرئاسة الأمريكية عام 1828 الرئيس أندرو جاكسون الذي رفع شعار «لنترك الشعب يحكم»، فسخر منه معارضوه ووصفوه بالحمار بسبب اختياره شعاراً رخيصاً، فما كان من جاكسون إلا أن اختار حماراً جميلاً رمادي اللون ولصق على ظهره شعار حملته الانتخابية وطاف به في القرى والمدن من أجل الدعاية ليؤكد للناس أنه قريب منهم على عكس منافسيه النخبويين، ومنذ ذلك الحين والحمار ملتصق بالحزب الديمقراطي.
أما الجمهوريون فقد استخدموا الفيل كدعاية سياسية مساندة لمرشحهم لانتخابات الرئاسة التي جرت عام 1860 إبراهام لينكلن، لكن الحمار والفيل لم يتحولا إلى شعارين للحزبين إلا عام 1870 عندما عبر رسام الكاريكاتير توماس ناست عن تذمره من خروج الحزب الجمهوري عن قيمه الليبرالية، واختصر هذا التذمر برسم فيل ضخم مذعور يحطم كل ما تطأ قدمه، يتنافس مع حمار أسود عنيد، ليشير إلى الصراع بين الجمهوريين والديمقراطيين.
مشكلتنا مع الحمار والفيل أيام الحرب الباردة كانت واحدة من المشكلات لأن المواجهة بين أمريكا والاتحاد السوفيتي انعكست على التنافس والعناد بينهما وانشغلوا بها، لكن بعد انهيار الاتحاد السوفيتي وتوقف الحرب الباردة تحولت من مشكلة إلى مصيبة بل أكبر المصائب بالنسبة لنا، فالفيل المذعور وطئت قدمه بلاد المسلمين ودمرت كل شيء، والحمار العنيد يريد أن يثبت خطأ الفيل فأخذ يحرث الأرض التي وطأها الفيل مستعيناً بإيران، وبدل أن يصحح الخطأ قاده العناد والتنافس لأخطاء أخرى.
الفيل الجمهوري يملك أكثر رؤوس الأموال ومصانع السلاح وأكبر الشبكات الإعلامية ويستخدم كل ذلك للتلاعب بقناعات المجتمع الأمريكي، فلايزال نصف الأمريكان يعتقدون بفضل الدعاية الجمهورية أن غزو العراق عام 2003 كان قراراً صائباً، بينما يعتقد الديمقراطيون وجمهورهم أنه كان قراراً خاطئاً، يعتقد الجمهوريون بحكم تعاملهم مع الإيرانيين في العراق عن قرب أن إيران دولة مارقة لا ينفع معها مفاوضات وأنها تراوغ، بينما يعتقد الديمقراطيون أن المفاوضات هي السبيل الأنسب؛ بل أكثر من ذلك وهو الذهاب إلى شراكتها في المنطقة وتقديم تنازلات لدرجة تتيح لها امتلاك الأسلحة المحرمة، وقد فعلت هذا، وكثير من هذه الأمثلة بخصوص سياستهم وتدخلهم في الشرق الأوسط.
في النهاية القضية بالنسبة لنا عناد بين حمار وفيل تدخلوا في قضايا الشرق الأوسط وجعلوه مادة يتنافسون عليها لأغراض انتخاباتهم الرئاسية، سيؤدي هذا العناد إلى تمزيق الشرق الأوسط بالكامل.

بقلم: د. فراس الزوبعي