كلكم سيخرج من السجن إلا الأبرياء!

يقولون من باب الطرفة أن بيل غيتس صاحب شركة مايكروسوفت المعروفة أراد التقاعد، فقرر البحث عن بديل له في الشركة، فوضع إعلاناً خاصاً بالوظيفة الشاغرة، وبعد أن تقدم 1000 شخص للحصول عليها جمعهم في قاعة كبيرة وقال لهم، قبل أن أجري مقابلة مع أي منكم، كل شخص لا يحمل شهادة الدكتوراه في الرقائق الإلكترونية يغادر القاعة فوراً، فغادر 800 منهم، ثم قال لهم كل من كانت خبرته العملية تقل عن 20 سنة يغادر أيضاً، فترك القاعة 100 شخص، ثم قال للمئة شخص الذين تبقوا، كل واحد منكم لا يجيد عشرين لغة على الأقل بما فيها اللاتينية القديمة يغادر أيضاً، فغادر القاعة 98 فرداً، وبقي اثنان، عندها قال لهما رائع ستكون المقابلة معكما فقط والبداية أن تتحدثا بينكما باللاتينية، فقالا له: بالله عليك ماذا قلت لكل هؤلاء حتى خرجوا جميعاً والأسى يملأ نفوسهم؟!
وأذكر عندما كنا أطفالاً كنا نمزح فيما بيننا فنقدم وعوداً بمنح أشياء وخلال كلامنا كنا نقول سيحدث ذلك في الشهر الذي لا جمعة فيه، أي أنه لن يتحقق أبداً، كل هذه الطرائف غير الواقعية لم يعد للتندر بها أي قيمة ما دام هناك من يفعلها ويطبقها على أعلى مستوى، وهذا ما تفعله عصابة إيران الحاكمة في بغداد وآخرها في الأسبوع الماضي عندما أعلن مجلس الوزراء العراقي عن تصويته على قانون العفو العام وإحالته إلى البرلمان للمصادقة عليه، وذكر أن القانون يعفي عفواً عاماً وشاملاً عن العراقيين المدنيين والعسكريين الموجودين داخل العراقي وخارجه المحكومين بالسجن المؤبد أو المؤقت أو الحبس سواء كانت أحكام حضورية أو غيابية اكتسبت درجة الثبات أو لم تكتسب، وشمل القانون من ألقي القبض عليه والذين لم يلق عليهم القبض بعد.
لكن حقيقة تطبيق العفو العام هذا هو كحقيقة أن بيل غيتس الذي يريد توظيف أحد مكانه، لأن القانون استثنى المتهمين بالمادة الرابعة من قانون الإرهاب والتي باتت تعرف في العراق بالمادة «4 سنّة» لأنها المادة التي يحال عليها كل المعتقلين من العرب السنة الأبرياء الذين امتلأت بهم سجون العراق لأسباب طائفية بحتة، وإن أقر هذا القانون فعلاً فسيخدم كل أتباع الحكومة الطائفية الذين فروا من مواجهة تنظيم الدولة الإسلامية «داعش» وكذلك أفراد الميليشيات المتورطين بأعمال السلب والنهب والقتل والتمثيل بالجثث، هذا إن كانوا في موضع الاتهام من الحكومة.
فهل يضحك العبادي وحكومته على أمريكا بالتصويت على هذا القانون أم يضحك على دول العالم عندما يقول سنخرج كل من في المعتقلات إلا الأبرياء؟! أما سياسيو العرب السنة المشاركون في العملية السياسية ومن يتأمل في عصابات طهران خيراً، فهم كآخر اثنين من الألف الذين تقدموا لشغل مكان بيل غيتس.

بقلم: د. فراس الزوبعي