انتفضوا لأربع سنوات سجن ولم يحركهم إعدام 7000 نفس

قبل أشهر عدة أوردت في أحد المقالات قصة تذكر من باب الطرفة، وهي أن لقاءً جمع الرئيس الأمريكي السابق جورج بوش برئيس الوزراء البريطاني السابق توني بلير، والصحافيون ووسائل الإعلام ينتظرون في الخارج، فلما خرج الاثنان وجه لهما السؤال الآتي: ما الذي خرجتما به من هذا الاجتماع؟ فأجابهم بوش، قررنا قتل مليون مسلم وطبيب أسنان واحد، فاستغرب الصحافيون وقالوا، ولماذا يعدم طبيب الأسنان؟! فالتفت بوش إلى توني بلير وقال له: ألم أقل لك إن أحداً لن يهتم لقتل مليون مسلم.
أعدت كتابة هذه الطرفة لأن أمريكا والغرب لا يفعلون هذا معنا وحسب وإنما يريدون أن يجعلوه منهجاً في التعامل مع القضايا الخاصة بنا مع إعطائها صورة لا تمت للحقيقة بصلة، وأقرب مثال على ذلك حدثان حصلا في الأيام القليلة الماضية، الأول في البحرين وهو الحكم على علي سلمان بالسجن أربع سنوات بتهمة التحريض على عدم الانقياد للقوانين وإهانة منسوبي وزارة الداخلية وبغض طائفة من الناس، وهو حكم اعتبره كثير من المراقبين أنه مخفف، وأن الجرائم الأخرى التي تنسب إليه كفيلة بجعله يقضي باقي حياته خلف القضبان إن لم تكن تقضي على حياته بالكامل، لكن في النهاية حوكم على هذه القضايا وعلى الجميع أن يحترم القضاء البحريني الذي تعامل بالعدل بعيداً عن العواطف والسياسة.
أما الحدث الثاني فكان في العراق، وذلك عندما كشف عدنان الأسدي النائب الحالي في البرلمان العراقي والوكيل الأقدم لوزير الداخلية في عهد المالكي عن وجود 7000 حكم قضائي بالإعدام اكتسبت حكماً قطعياً بحق رجال من العرب السنة منتقداً رئيس الجمهورية فؤاد معصوم لعدم مصادقته على تنفيذها كلها وفق المادة 4 إرهاب، وفي الواقع أن هؤلاء أبرياء أخذوا باعتقالات عشوائية أو بوشاية مخبر ولفقت لهم التهم وأجبروا على الاعتراف بها، فكيف تعاملت أمريكا والغرب مع الحدثين؟
فيما يخص الحالة الأولى أصدرت الخارجية الأمريكية بياناً صحافياً تدعو فيه لإسقاط التهم عنه وتعتبر أن علي سلمان زعيماً معارضاً يعبر عن نقده للحكومة بسلمية، أما منظمة العفو الدولية فتعتبر الحكم تجاهلاً لحرية التعبير، والاتحاد الأوروبي يعتبر الحكم متعارضاً مع جهود المصالحة، متناسين كلهم قنابل المولوتوف وقتل رجال الشرطة والتحريض على العنف، وأما الحالة الثانية فكل أولئك التزموا الصمت تجاهها، فانتفضوا لسجن مدان حكمه قضاء عادل بأربع سنوات ولم تحركهم مهزلة حكم 7000 بريء، فأي مزاج ومفهوم لحقوق الإنسان عند الغرب وأي معيار للتعامل مع قضايا الشرق.
– همسة في أذن علي سلمان…
لطالما اعتبرت النموذج «الديمقراطي» في العراق المحتل هو نموذج أحلامك، وتمنيت لو كان النظام في البحرين كذاك الذي في العراق، فانظر كيف كان قضاء مملكة البحرين معك وأنت تعاديها، وانظر كيف هو قضاء أتباع إيران مع الأبرياء في العراق، فليتك كنت هناك وليت المالكي أو العبادي كان خصمك لتتغنى بعد ذلك بنموذجهم.

بقلم: د. فراس الزوبعي