لم يعد إلا هؤلاء ليتدخلوا بالبحرين.. «والله فشلة»

عندما قرأت بيان وزارة خارجية العراق تعليقاً على حكم القضاء البحريني بسجن علي سلمان أربع سنوات، قفز إلى ذهني موقف حصل معي في آخر سنة من سنوات الثانوية، وفيها لا تحتسب أعمال السنة ويكتفى بنتيجة الامتحان النهائي، وباعتباري «مخططاً استراتيجياً» لا يشق له غبار قررت استخدام «تكتيك» خاص بتلك السنة، فاخترت لنفسي آخر مقعد في «الركن البعيد الهادي» من القاعة الدراسية، وقررت أن أكون مستمعا لا ينبس ببنت شفة، على اعتبار أن «الثقل زين» حتى لم يعد يشعر بوجود بعض المدرسين، والبعض الآخر توصل إلى قناعة وهي أني «Hopeless case» حالة ميؤوس منها، ومنهم الأستاذ «سداد» مدرس اللغة العربية، الذي طلب ذات يوم أن يتطوع أحد الطلبة لإلقاء قصيدة أمام زملائه، فعم الصمت القاعة، «يبدو أنهم استخدموا تكتيكي نفسه»، عندها انطلق صوتي هادرا من آخر القاعة، قائلا: «مع الأسف أستاذ.. ما عندهم الشجاعة الأدبية»، فتبسم الأستاذ كأني «جبت العيد» وقال «اليوم منين طلعت الشمس» إلى آخر عبارات التشجيع اللي انتم عارفيها طبعا، له الحق فمن يتكلم عن المشاركة لم يسجل أي مشاركة.
بيان خارجية العراق المقتضب عبر عن قلق العراق من الحكم على علي سلمان وحذر البحرين من تداعياته، معتبرين الحكم يأتي ضمن سياقات من شأنها تعمق مشهد التعامل مع المطالبات الشعبية بإجراء إصلاحات سياسية واقعية تحقق العدالة الاجتماعية بين مختلف فئات الشعب البحريني، ودعت إلى مراجعته.
مشكلة هذا البيان أن من يقرأه «على قلة عباراته» يزدحم ذهنه بممارسات الحكومة الطائفية في العراق صاحبة هذا البيان، فمن يقرأ كلامهم عن التعامل مع المطالبات الشعبية وتحقيق العدالة الاجتماعية، يتذكر فورا السياسة «الحكيمة» للمالكي وحزبه الذي ينتمي له وزير الخارجية في التعامل مع المطالب الشعبية عندما اقتحموا ساحات الاعتصام بالدبابات والصواريخ وأحدثوا مجازر، في الحويجة وحدها 54 قتيلاً وعشرات الجرحى، وكذلك في سامراء والموصل والفلوجة والرمادي وديالى، يتذكر المالكي وهو يتحدث عن معسكر يزيد ومعاوية، يتذكر ثلاثة ملايين نازح بسبب جرائم الحكومة، يتذكر عشرات آلاف الرجال والنساء المعتقلين فقط لأنهم عرب سنة، يتذكر 7000 شخص صدر بحقهم حكم الإعدام في إطار إبادة طائفية.
لا شك أن هؤلاء عندما يصدرون هكذا بيانات ينظرون إلى وضع العراق الحالي ذلك العملاق الذي حولوه إلى أفشل دولة في العالم، ويظنون أن كل الدول تشابههم فيتصورون القضاء في البحرين كالقضاء عندهم، يتحرك بأمر إيراني، وأن القاضي في البحرين كبعض قضاتهم يخرج على شاشة التليفزيون وبلغة أكثر من ركيكة يقول: بسم الله الرحمن الرحيم.. العدل أساس الملك.. صدق الله العلي العظيم، مؤلفاً آية قرآنية عجز مسيلمة الكذاب عن تأليف مثلها، فما الذي دفعهم إلى التدخل في شؤون البحرين الداخلية بهذه الطريقة، هل هي الطائفية أم الحزبية التي تجمعهم بعلي سلمان، أم كلاهما معاً؟!
كثيرة هي الأمثلة التي تنطبق عليهم فلا أدري هل أقول «رمتني بدائها وانسلت» أم «اللي بيته من زجاج لا يرمي النار بالحجارة»؟ لكن بمناسبة أن بيانهم ذكر الأخوة بين العراق والبحرين سأقول لهم كما كان «مانع» يقول لأخيه «دواس» واخته «فتون» في مسلسل الحيالة: «انتو ما تستحون.. ما تنتخون.. فشلتونا.. فشلتونا».

بقلم: د. فراس الزوبعي