شيعة المنطقة العربية إلى أين؟

قبل أي كلام، تأملوا معي هذه القصة الواقعية التي دارت على شكل حوار بين أحد الأصدقاء، وهو أستاذ في إحدى الجامعات العراقية، وبين زميله الأستاذ العلماني من عائلة شيعية.
قبيل انتخابات 2010 سأل صديقي زميله: من ستنتخب؟ فقال له: أياد علاوي لأنه علماني، أما الأحزاب الدينية فلم تجلب لنا إلا الخراب.
وبعد الانتخابات سأله مرة أخرى: من انتخبت؟ فقال له: انتخبت أحد مرشحي الأحزاب الشيعية.
فقال له: ألم تكن تنوي انتخاب علاوي؟
فأجابه: بصراحة فكرنا كثيراً ووجدنا أن ما فعلته الأحزاب والميليشيات الشيعية في العراق بحق العرب السنة بلغ حداً لا يمكن التسامح معه وسندفع ثمنه نحن الشيعة جميعاً في يوم ما، لذلك نحن أمام مسألة وجود وخيارين؛ إما أن نغير هذه الأحزاب بأخرى أو بمستقلين لا يرتبطون بإيران وهؤلاء لن يتمكنوا من حمايتنا، أو نتحمل الأحزاب الشيعية وميليشياتها ونتركها تقتل لتبعد عنا شبح الانتقام والقصاص، فقد أصبحنا معهم في مركب واحد.
باختصار هذه القصة تجسد الواقع الذي أوصلت إليه إيران شيعة المنطقة في عدد من الدول، ويكادون الوصول إليه في دول أخرى، ملالي قم وطهران أقنعوا الشيعة في العالم بأنهم مظلومون وأن إيران هي المدافع الوحيد عنهم وأنها سندهم أينما كانوا، وحقيقة الأمر أنها لا تهتم لأمرهم وتريد استخدامهم أداة ضاربة في عدوانها لتحقيق مصالحها التوسعية، فإيران لا تريد الدخول بجيشها في حرب لذا اعتمدت استراتيجية اتخاذ الميليشيات والجمهور الشيعي جيشاً تقاتل به وتستهلكه، وغالب هؤلاء هم من خارج إيران ومن الدول المستهدفة نفسها، أو من دول تجاورها، فتأملوا الميليشيات في العراق أفرادها من البلد نفسه، وفي اليمن يمنيون، وفي البحرين من يثير الفتن والقلاقل يحملون جنسيتها ويعيشون فيها، وفي لبنان لبنانيون، وفي سوريا خليط من الدول المجاورة، حتى عندما خططت إيران لأعمال إرهابية في الأردن التي ليس فيها شيعة كلفت إرهابياً يحمل الجنسية العراقية وينتمي لفيلق القدس الإيراني لنقل متفجرات إلى الأردن كما كشفت السلطات الأردنية قبل أيام.
يا شيعة المنطقة العربية.. إيران تريد الذهاب بكم إلى طريق اللاعودة وتكسبكم عداوة العالم، فإن حققت مصالحها «لا سمح الله» فسينتفع منكم من غرر بكم فقط عندما تستعملهم إيران عمالاً لها وستترككم مسحوقين بعد حياة كريمة وانظروا ماذا تفعل بشيعة الأحواز المحتلة وهم تحت حكمها، وإن لم تتمكن من فعل شيء فستترككم تدفعون ثمن وقوفكم معها ضد بلدانكم ولن تقبل حتى باستقبالكم، وإن كنتم اليوم في السعودية والبحرين والكويت وغيرها تنعمون بجوازات سفر محترمة تفتح لكم أبواب دول العالم بكل سهولة، فذاك بسبب سياسة الدول التي تعيشون فيها واحترام العالم لها، ويكفيكم أن تنظروا لحال جواز السفر العراقي الذي أصبح ثاني أسوأ جواز سفر في العالم بعد أن كان في مراحل متقدمة، والسبب سيطرة إيران عليه، فلا تجعلوا إيران توصلكم إلى طريق اللاعودة والقناعة التي وصل لها شيعة العراق، فمهما فعلت فلن تتمكن من إزالة أمة من الوجود أنتم تعيشون فيها، كما لن تتمكنوا أنتم من إيجاد وطن لكم غير الذي تعيشون فيه، وحتى لأولئك في العراق أقول تخليكم عن إيران اليوم أفضل من تخليها عنكم.

بقلم: د. فراس الزوبعي