مازلنا نتلمس الحكمة في كثير من الأمثال الشعبية القديمة، فقد قيلت عن تجربة ودراية في الحياة، ومنها قولهم «كوم حجار ولا هالجار»؛ عندما يصفون جاراً مسيئاً يتمنون لو أنهم جاوروا الحجارة رغم قساوتها بدلاً عنه، وها نحن كلما نطقت جارة السوء إيران تذكرنا هذا المثل.
تاريخ إيران مع العرب على طول الخط الزمني لم يتسم بالود وحسن جوار، فهم لم يحملوا لنا غير العداوة ونظرة الاستعلاء، غير أن هذا العداء تطور إلى اعتداء بعد استيلاء العمائم على السلطة في إيران وأضافوا الحقد الطائفي إلى الحقد القومي الفارسي القديم، وبمجرد أن استلموا السلطة وشعروا بامتلاك القوة اعتدوا على العراق عام 1980 بعد سلسلة تدخلات بدأت عقب استلامهم للسلطة مباشرة في العام 1979، وهنا لابد من التذكير بأن إيران اعتدت على العراق يوم 4/9 واستمرت في اعتدائها من طرف واحد حتى جاءها الرد العراقي يوم 22/9 وليس كما يروج البعض خطأ أن العراق اعتدى على إيران، ثم بمجرد أن سنحت لها الفرصة مرة أخرى تدخلت في شؤون كثير من الدول العربية، وها هي اليوم بعد أن شعرت بقرب حصولها على متنفس بسبب الاتفاق النووي تتدخل في شؤون مملكة البحرين على لسان رأس الشر فيها خامنئي، الذي كلما حاولنا طي صفحة الغدر والخيانة من تاريخ البحرين في 2011 جاء ليفتحها وينعش الذاكرة.
إيران تتدخل في شؤون جيرانها العرب هذا ديدنها لكنها لم تتمكن من تحقيق شيء إلا بواسطة خونة في هذه الدول العربية ينتمون لها ويدينون بالولاء لإيران وشاهد على ذلك العراق وسوريا ولبنان واليمن، وها هي اليوم تعول على استخدام أمثالهم في البحرين، خادعة إياهم بشعارات الإسلام والمقاومة والممانعة والمظلومية ومفاتيح الجنة، شعارات استهلكت وعرف كذبها حتى السذج، ولم يبق إلا من يتعمد الخيانة ومزدوجو الولاء الذين أشار لهم معالي الفريق الركن الشيخ راشد بن عبدالله آل خليفة وزير الداخلية في خطابه رافضاً ازدواجية ولائهم مذكراً إياهم بالمخالفة القانونية، لكننا أيضاً أمام أصحاب الولاء الواحد لكنه لإيران ولهؤلاء وجود وحضور.
وهنا لابد أن ينظر الذين غررت بهم إيران قبل أن تستخدمهم من جديد، ويروا حال العراق والأحواز وسوريا ولبنان واليمن، بعد أن وطئت إيران أرضهم وأحالتها خراباً، وينظروا كيف أصبح سكانها مشردين بين الدول مشبوهين أينما ذهبوا، وكيف يتعامل معكم أنتم بكل احترام في الداخل والخارج.
أما أنتم يا جار السوء فبعدما رأينا حال الدول التي تدخلتم فيها وما وصل إليه حالها، ليس لكم فرصة في البحرين، فالقضية أصبحت قضية وجود وحرب للبقاء، ولا تعولوا على شرذمة قليلة تواليكم، فهؤلاء لم يفلحوا في 2011 عندما كان الناس في غفلة عنهم، فكيف اليوم والناس ليسوا هم الناس في 2011، لقد تلقيكم رد سكان البحرين بمختلف توجهاتهم، وتذكروا عندما انتصر العرب عليكم في ذي قار كانوا مشرذمين غير متحدين كحالهم اليوم، لكن شاء الله أن يذلكم، فكيف بهم إذا اتحدوا.
بقلم: د. فراس الزوبعي