جوازكم يسمح لكم دخول الحمام فقط

قبل سنوات دار بيني وبين شخص أمريكي حديث عن جواز سفره وسهولة التنقل به، فقال لي: كنت أتمنى لو أني أحمل الجواز الكندي مكانه، قلت، لماذا؟ قال لأنهما في المستوى نفسه من الأهمية، لكن الفرق بينهما هو أن الجواز الأمريكي اكتسب أهميته من القوة في حين اكتسب الجواز الكندي أهميته من الاحترام، وعندما أسافر إلى أماكن كثيرة أشعر بأن موظف الجوازات في المطار يهابني، لكني أنتظر الاحترام لا المهابة، بمعنى آخر الأول «يخوف» والثاني «محترم».
لقد استثمر القانون الأمريكي هذه الميزة في جواز السفر في أغراض تجنيد المرتزقة والقتلة، والأهم من ذلك استثمره في تجنيد الجواسيس من الدول الأخرى في الجانب الاستخباري لصالح أمريكا، فكل أولئك الذين يقاتلون مع جيشها أو الذين يعملون جواسيس لها، لهم الحق بالعيش فيها والحصول على جنسيتها بعد انقضاء مدة عملهم أو انتفاء الحاجة لهم أو أنهم يكشفون ويهربون إلى إليها، وقد حرصت أمريكا على مصداقيتها في هذا الجانب لضمان تدفق الجواسيس والمقاتلين.
ويبدو أن نظام الملالي في إيران يريد أن يطبق التجربة الأمريكية الناجحة، ويتخذها وسيلة للمحافظة على ولاء ميليشياته المنتشرة في الدول العربية ويضمن تدفق المزيد من المقاتلين «الموالين» إليها، كما يريد إيجاد مزيد من الخونة والجواسيس في الدول العربية للعمل في الجانب الاستخباري لصالحه، ولهذا أدخل مركز الأبحاث في مجلس الشورى الإيراني مجموعة تعديلات على المادة 980 من القانون المدني، بموجبها يتغير قانون منح الجنسية على أساس الدم ليشمل القتلة، وقد صنفت التعديلات من يمكن لهم الحصول على الجنسية الإيرانية إلى أربعة أصناف، الأول؛ مقاتلون غير إيرانيون يقاتلون لصالح إيران «ميليشيات»، الثاني؛ معوقون أصيبوا بمعارك لصالحها، الثالث؛ عائلات قتلى غير إيرانيين قتلوا في معارك لصالح إيران، الرابع؛ نخب غير إيرانية متعاونة مع إيران استخباراتياً «جواسيس».
الواضح أن هذه إجراءات الغرض منها أولاً تعويض الخسائر الكبيرة في صفوف ميليشياتها في العراق وسوريا واليمن، وثانياً تشكيل ميليشيات جديدة ورفد أخرى بمقاتلين جدد بغية توسيع رقعة تمددها الجغرافي، وقد أشار إلى هذا عضو مجلس الشورى الإيراني أحمد بخشايش بقوله إن النقاش الآن حول هذه التعديلات محصور في مسألة الدعم للقوى الشيعية والمناضلين في المنطقة.
شر البلية ما يضحك، فإذا كان بعض البشر يقدم على أفعال توصله للجواز الأمريكي لأنه «يخوف» وآخرون يحلمون بالهجرة ليحصلوا على الجواز الكندي لأنه «محترم»؛ فما الذي يدفع للحصول على الجواز الإيراني فلا هو «يخوف» ولا هو «محترم» ولن يسمح لحامله بأكثر من دخول الحمام، فعلى من تضحك إيران بهذه الإجراءات؟!
وهنا أتوجه بسؤال للذين يسمون أنفسهم «بالمعارضة البحرينية» وولاؤهم لإيران، هل تقبلون استبدال الجواز البحريني بالجواز الإيراني الموعود؟ لكن قبل الإجابة تذكروا أنكم عندما تتنقلون بين عواصم أوروبا لتتآمروا على البحرين فإن مفتاح مطارات هذه العواصم هو ذلك الجواز الأحمر ذو الشعار الملكي، رابع أفضل وثيقة سفر عربياً، وأن ضباط الجوازات في المطارات ينظرون إليه لا إلى وجوهكم.

بقلم: د. فراس الزوبعي