كلما كتبت أو قرأت مقالاً، أو سمعت حديثاً فيه نصح لأولئك الذين ينتمون لأوطاننا ويعيشون بيننا وولاؤهم وآذانهم لإيران، تذكرت صديقي الذي كان دائم النصح لأحد أصدقائه يرشده ويحذره من الوقوع في الأخطاء، لكن صاحبه لا يأبه ويسمع فقط من الذين يتعامل معهم في القضية التي نصح من أجلها، حتى وقع في أحد أخطائه الجسيمة ذات يوم وجمعني به وبصديقي الذي ينصحه مجلس واحد، فاعترف أمامه بخطئه، ففاض بصاحبي حتى عاتبه بشدة أمام الحضور قائلاً له: في كل مرة تسير في طريق وأقول لك، احذر أمامك حفرة، لكنك تواصل السيرة حتى تقع فيها، وفي المرة الأخيرة قلت لك، حفرة… حفرة، فلم تقتنع إلا بعد أن وقعت فيها.
هكذا حال كثير من الناس لا يعتبر إلا بأخطائه وربما لا يعتبر بها أصلاً، لذلك قيل: السعيد من اتعظ بغيره والشقي من اعتبر بنفسه.
هنا سأتوجه بشكل واضح ومباشر لكل من غرته الشعارات التي رفعتها جمعية الوفاق، لكل من يرى أعمال التخريب والحرق نضالاً وجهاداً، لكل من تأثر بكلام ملالي قم وطهران وإعلامهم، لكل من يستمع إلى نصائح أمريكا وأوروبا المحرضة على أمن البحرين، لكل من يتصور أن إيران ستبدله جنة إذا ما مكنها من بلده، سأتوجه إليهم لا برأي، ولكن بنموذج حي ومشاهد، سمع كلام أمريكا ونصائحها، وساعد إيران ومكنها من بلاده، وهتف ودعم أحزاباً شقيقة الوفاق وغيرها، وأصبح يدهم الضاربة وأعانهم على ظلمهم وبطش بأبناء بلده، وصبر على كل ذلك أكثر من 12 سنة، فانظروا إلى جنته التي وعد بها.
انظروا إلى المظاهرات التي تجري في العراق الآن والتي خرج فيها الشيعة حصراً ضد من دعموهم وسمحوا لهم بالتسلط على بلدهم، ورغم أن بعض المحللين يعتبرها مسرحية والبعض الآخر يعتبرها عفوية وغيرهم يعتبرها استغلالاً للمتظاهرين، إلا أن هناك حقيقة واحدة وهي أن كل المتظاهرين كان الدافع الحقيقي وراء خروجهم هو سوء الأوضاع التي يعيشونها. فهم منذ 12 سنة لم ينعموا بالكهرباء مع حر وبرد العراق، منذ 12 سنة ومئات المليارات تسرق منهم، منذ 12 سنة وهم لا يعرفون ملامح المستقبل، منذ 12 سنة والكثير منهم يقتات من المزابل وتحت قدمه بحر من النفط، منذ 12 سنة وبلدهم يهدم ولا يعمر، وبعد 12 سنة أصبحت الهجرة أكبر أمنياتهم، وفوق كل ذلك تستقبل مدنهم يومياً عشرات القتلى من أبنائهم الذين زجت بهم إيران في ميليشياتها. لقد فشلت حكومتهم في حكم العراق مع كل الدعم الذي تتلقاه من أمريكا وإيران، لأن إيران لا تعرف غير النهج الطائفي.. فهل ستعتبرون بهذا الشاهد، أم ستكونون كصاحبنا ولا تعلمون أنها حفرة إلا بعد أن تقعوا فيها؟!
– رسالة إلى العالم…
إذا كان هذا هو وضع الشيعة العرب في العراق الذين تعتبر إيران نفسها المدافع عن حقوقهم، فلكم أن تتخيلوا وضع العرب السنة الذين تعتبرهم إيران أعداءها.
بقلم: د. فراس الزوبعي