يكتسب حزب «الدعوة» أهميته من كونه تنظيماً سياسياً شيعياً له أكثر من نسخة خارج العراق، كما هو الحال في البحرين، وغيرها لكن بتسميات مختلفة، فضلاً عن الرعاية الإيرانية لهذا التنظيم.
يعاني هذا التنظيم الذي تأسس سنة 1957 من عقدة الانشقاقات داخله حتى أصبحت إحدى سماته، ويقر أعضاء التنظيم بخمسة انشقاقات رئيسة حتى الآن، كان أولها انشقاقاً فكرياً سنة 1981 عندما خرج منه تنظيم عرف بـ «حركة الدعوة الإسلامية»، ثم حصل الانشقاق الثاني سنة 1984 بعد قرار بحذف مادة «المجلس الفقهي» من نظامه الداخلي فتشكل «حزب الدعوة – المجلس الفقهي» ثم جاء الانشقاق الثالث عام 1999 إثر خلافات حادة انتهت بتأسيس تنظيم جديد عرف باسم «حزب الدعوة تنظيم العراق» ثم حصل الانشقاق الرابع بعدما خرج عدد من كوادر هذا التنظيم وأسسوا حزب الدعوة تنظيم الداخل سنة 2009، أما الانشقاق الخامس فكان على يد إبراهيم الجعفري وزير خارجية العراق الحالي بعدما أجبر على التنحي من رئاسة الوزراء وانعقد بعدها مؤتمر الحزب سنة 2007 ولم ينتخب أميناً عاماً للحزب فشق الحزب مؤسساً «تيار الإصلاح الوطني» لينتخب المالكي خلفاً له أميناً عاماً للحزب حتى يومنا هذا.
الملاحظ أن هذه الانشقاقات كانت تحصل في المؤتمر العام للحزب فتأتي نتيجة لما تتمخض عنه انتخاباته أو قراراته، كذلك جميع الانشقاقات حصلت بسبب قضايا تنظيمية وفكرية، إلا الانشقاق الأخير فقد كان بسبب النزاع على السلطة عقب احتلال العراق وبدأت قياداته تنهب مليارات الدولارات من خزينة العراق، واليوم يواجه حزب الدعوة الواقع الآتي:
تركة ثقيلة من الانشقاقات تسببت في خسارته عدداً كبيراً من أعضائه، يصاحب ذلك عدم حصوله على أعضاء جدد فجمهوره الشيعي كفر بكل تنظيم يدعي الإسلام بعد الفساد الذي شاهده منهم، كما يواجه مظاهرات الشارع الشيعي الغاضبة والتي تحمل أمينه العام «نوري المالكي» مسؤولية كل المشاكل والفساد في العراق وتطالب بمحاسبته، ويريد الحزب احتواءهم وإسكاتهم والمحافظة على السلطة في آن واحد، ولن يتمكن من كل ذلك مع بقاء أمينه العام الحالي، كذلك هناك صراع داخل الحزب على السلطة والواقع أثبت أن القسم الأكبر من أعضائه يقدمون ولاءهم ودعمهم للأمين العام الذي يترأس الوزارة أو للأمين العام الذي يدعم رئيس الوزارة تدفعهم مصالحهم الشخصية كما حصل من قبل مع المالكي وسيحصل قريباً مع حيدر العبادي.
منذ عام تقريباً نبتت بذرة انشقاق جديد في هذا التنظيم عندما أجبر المالكي على عدم ترؤس الوزارة مرة ثالثة، وأصبحت البذرة نبتة مثمرة ستقطف ثمارها في يوم من أيام العام الجاري إذ يجب أن يعقد الحزب فيه مؤتمره العام، وبقاء المالكي أميناً عاماً لحزب الدعوة مسألة وقت فقط بسبب أدائه الموتور، وهو يعرف هذا جيداً ولن يرضى بغير أن يكون رأس الحزب أو يشقه ليرأس غيره وهذا ما سيحصل، ولأنه يعلم أن لا قيمة لحزبه دون القوة فسيلجأ الآن إلى الميليشيات ليجعلها ضمن التنظيم الجديد الذي سيخرج به، وهكذا سيكون الانشقاق القادم في حزب الدعوة.
بقلم: د. فراس الزوبعي