ماذا كان يريد زعيم تنظيم القاعدة الدكتور أيمن الظواهري من رسالته الصوتية الأخيرة، والتي جاءت بعنوان «الحلقة الثانية من سلسلة الربيع الإسلامي»؟
لقد تحدث الظواهري في رسالته 36 دقيقة عن خمس مسائل وهي؛ تنظيم الدولة الإسلامية «داعش»، والربيع الإسلامي القادم، والتحالف الدولي، ومبادرة للجماعات المقاتلة في العراق وسوريا، ومر سريعاً على أحداث وزيرستان، بدأ حديثه عن «داعش» واستمر تسع دقائق في هذا الموضوع، انتقد خلالها أعمال هذا التنظيم بشدة منكراً عليهم إعلان الخلافة معتبراً إياهم قد أخذوا الأمة على حين غرة وفاجئوها ببيعة مجاهيل فرضت على الأمة خليفة بتفجير وتفخيخ ونسف، بل اعتبر إعلان الخلافة تغييراً لسنة النبي صلى الله عليهم وسلم وتحويلاً للخلافة إلى ملك عضوض، وقال لا نريد حكماً يهتدي بالحجاج.
ثم انتقل بعدها إلى الحديث عما أسماه «الربيع الإسلامي» وفيه تحدث أيضاً عن مستقبل الإسلام، بعدها تكلم عن المسألة الثالثة والمهمة وهي التحالف الدولي، واعتبره حملة صليبية شرسة على العراق والشام بل حرب على الإسلام باسم الحرب على الإرهاب، وأهم ما في هذه الفقرة دعوته كل مسلم في ديار الغرب أن يهاجم أهدافاً في هذه الدول وينفذ عملية استشهادية ليوقع النكاية بها، وبنى دعوته هذه على أساس أن الشباب المسلم يتألم لما يحدث للمسلمين ويتلهف لضرب الغربيين الذين يقودون هذه الحملة، ولا بد من نقل المعركة إلى عقر دار الغرب.
وهنا لا بد من وقفة لأن الواقع له صورة مختلفة؛ فشباب المسلمين وتحديداً من الدول الواقعة تحت ضربات التحالف الدولي يعبرون البحر معرضين حياتهم للموت ليقفوا طوابير على أبواب الدول الغربية المشاركة في التحالف، يتمنون قبولهم لاجئين! وأكثر من ذلك يكتبون القصائد مدحاً بقادة الغرب، حتى قال أحدهم بميركل مستشار ألمانيا وزعيمة حزب مسيحي «أشري وكل احنا جنودك من اليونان لحد برلين»، ثم أي معركة ينقلها المسلمون للغرب وقد نقل الغرب المعركة إلى بلاد المسلمين بينما انتقل المسلمون أنفسهم للغرب، بعد ذلك طرح مبادرة تعاون بين الجماعات المقاتلة في العراق وسوريا، ومقدماً قال إنه يعلم أنها لن تقبل بسبب «داعش» الذين سيسخرون منها لكن لابد له أن يقدمها من باب النصيحة.
من ينصت لهذه الرسالة يعلم أن حقيقة المراد منها شيء واحد فقط، وهو التأكيد على عدم شرعية تنظيم الدولة الإسلامية «داعش» فبالرغم من أنه خصص لها الفقرة الأولى من حديثة إلا أنه لم تمر فقرة من الفقرات الأخرى إلا وذكرهم بل وكان نصيبهم من الحديث أكبر من نصيب الفقرة نفسها، ومع أنه ذكر أنه يوافقهم في جملة أمور إذا فعلوها ويقف ضدهم في أخرى إلا أنه بين الحين والآخر يعود ليؤكد على عدم شرعية خلافتهم، فهذا التنظيم تمكن من خطف أنظار العالم عن القاعدة ونجح في الاستئثار باستقطاب الشباب إليه بعدما كانت القاعدة تستقطبهم.
بقلم: د. فراس الزوبعي