البيض ليس في قاموسنا.. فترقبوا

ما إن ابتدأ رئيس وزراء كوسوفو «عيسى مصطفى» كلمته أمام برلمان بلاده قبل أيام حتى انهال عليه نواب المعارضة برشقات من البيض لم تترك لحديثه مجالاً، فتحول في لحظة من رئيس وزراء إلى حارس مرمى يخضع لتدريبات عنيفة، حارس مهمته صد كرات البيض عن جسده، أما عملية الرمي فتولاها ثلاث أو أربع نواب بينهم امرأة وضعت البيض في حقيبتها النسائية التي بدت وكأنها كنانة ملئت بالسهام، تطلق البيض بيدها كطلقات رشاش أوتوماتيكي، وبعدما أخذ رئيس الوزراء نصيبه من الإهانة اضطر حرسه إلى إخراجه خارج قاعة البرلمان حفاظاً على ما تبقى له من هيبة.
كل ذلك حصل بسبب المحادثات التي جرت مؤخراً بين كوسوفو وصربيا برعاية الأمم المتحدة والتي يؤيدها رئيس الوزراء وترفضها أحزاب المعارضة، محادثات نتج عنها اتفاق يمنح الأقلية الصربية في كوسوفو حقوقاً أكبر في إنفاق المحليات والتعليم، أما لماذا كان هذا الموقف الرافض من أحزاب المعارضة، فذلك يتعلق بالخلفية التاريخية للعلاقة بين كوسوفو التي استقلت سنة 2008 وبين صربيا التي احتلت كوسوفو منذ سنة 1913، إلا أن أسوأ ما حصل لمواطني كوسوفو كان سنة 1998 عندما دخل جيش تحرير كوسوفو في صراع مع صربيا فارتكبت الأخيرة مجازر وحشية ضد المدنيين، مما استدعى تدخلاً دولياً وشن حلف شمال الأطلسي غارات أجبرت صربيا على الانسحاب.
لقد غضب النواب في كوسوفو ورفضوا محادثات أفضت إلى اتفاق منح امتيازات لبلد سبق وكانوا تحت احتلاله وهيمنته وارتكب بحقهم مجازر، وضربوا رئيس وزرائهم بالبيض وخلال ضربهم له كان يقول لهم إن الصرب وفق هذا الاتفاق سوف لن يتمتعوا بصلاحيات تنفيذية، لكن ذلك لم يجد نفعاً، فماذا عسانا أن نفعل مع كل من تعاون مع إيران ضد بلادنا وهدد بهم ونفذ مخططاتهم، فلم يعد العراق وحده المتضرر من إيران بل لحقت به سوريا واليمن، وحتى دول الخليج العربي التي لم تعرف الحروب سنين طويلة وعاشت مسالمة آمنة، جاءت إيران لتحاول سلبها أمنها ونرى اليوم شهداء في كل دولة خليجية تسببت إيران بوفاتهم، كل ذلك حصل ودولنا مستقلة لم تكن تحت الاحتلال الإيراني، وارتكبت إيران فيها من المجازر أضعاف ما ارتكبته صربيا في كوسوفو.
مهما طال عدوان إيران فإنه لن يدوم بحال من الأحوال، فهل فكر اللاهثون خلفها كيف سيكون مصيرهم بيننا؟ وهل يعتبرون مما حدث لرئيس وزراء كوسوفو مع أنه لم يكن مثلهم ولم يتآمر ضد بلاده، يا ترى ما هو عدد البيض الذي سنحتاجه؟! المشكلة أننا لسنا كالأوربيين أو البلقانيين، فثقافة البيض ليست في قاموسنا، وقاموس مجتمعنا في التعامل مع الخونة يبتدأ باستخدام «الأحذية» لمن لا يملك السلاح، وغالبا ما ينتهي بالقتل والسحل، فترقبوا نهايات من رضي لنفسه أن يكون يد إيران.

بقلم: د. فراس الزوبعي