في كلمته أمام الجمعية العمومية للأمم المتحدة وبحضور قادة العالم قال الرئيس الأمريكي باراك أوباما «نفهم أن الولايات المتحدة لا تستطيع حل مشاكل العالم لوحدها، وفي العراق تعلمت درساً صعباً، لأنه حتى مع وجود مئات الآلاف من الجنود الأبطال ومئات تريليونات الدولارات لا يمكننا فرض الاستقرار على أرض أجنبية، ينبغي أن نعمل مع الشعوب الأخرى وإلا فلن ننجح، وما لم نعمل سوياً لهزم أيديولوجيات مدمرة في العراق فإن أي نظام تفرضه الولايات المتحدة سيكون مؤقتاً»، لقد حملت هذه الفقرة اعترافاً كبيراً وتحذيراً ومع ذلك لم تتعلم الولايات المتحدة الدرس.
لقد بدأ أوباما فقرته هذه بقوله «لا نستطيع حل مشاكل العالم لوحدنا»، لكنه لم يقل أن مشاكل العالم هم من أوجدوها وصنعوها، ثم نصبوا أنفسهم «حلالين» لها ليزيدوا بحلولهم الطين بلة، ليس هذا مهماً، المهم الكلام الذي يليه فقد حمل اعترافاً مهماً بين حقيقة وضع الأمريكان منذ غزوهم العراق سنة 2003 وحتى اليوم، فقد قال «تعلمنا درساً صعباً»، اعتراف يحسب لصالح المقاومة العراقية ويبين حقيقة دورها وما أدته في تلك المرحلة من تاريخ العراق، إذ جعلوا تلك الأيام كابوساً مخيفاً خيم على الجنود الأمريكان هناك، وأيضاًَ هو اعتراف يفسر لنا موقف الأمريكان الانتقامي من العرب السنة الذين خرجت منهم هذه المقاومة وكانوا حاضنة لها آنذاك، نعم لقد اعترف أوباما أن مئات آلاف الجنود الأمريكيين ومئات التريليونات من الدولارات، لم تمكنهم من السيطرة وفرض الاستقرار على أرض أجنبية مثل العراق، لكنه لم يكن مصيباً عندما قال «تعلمنا درساً صعباً».
لأنهم لو تعلموا من الدرس الصعب لاعترفوا أن اعتداءهم على العراق وغزوهم له كان خطأ تسبب في كوارث متلاحقة، ولامتنعوا عن التدخل في شؤون الدول الأخرى كما يفعلون اليوم في أماكن عدة ليجنبوا العالم كوارث أخرى، لم يتعلموا من الدرس الصعب لأنهم حتى اللحظة يصرون على ارتكاب أخطاء أخرى، فقد جاء في تتمة هذه الفقرة من كلمة أوباما قوله «لفرض الاستقرار في العراق علينا أن نعمل مع الشعوب الأخرى»، ولم يقل علينا أن نعمل مع أهل العراق الحقيقيين الذين تسببوا بتهجيرهم وطردهم من مناطقهم، لكنه يذهب ويبحث عن الحل عند الشعوب الأخرى، ألا يكفيكم أنكم جربتم العمل مع الخونة في العراق ومن ينتسب لإيران ولاء وأصلاً لتذهبوا وتجربوا مع من لا علاقة له بالعراق من الأساس؟!
إضافة لذلك الاعتراف فقد حملت فقرته هذه تحذيراً مبطناً لروسيا وما تقوم به الآن في سوريا، أما ختام فقرته هذه فقد كشفت أمراً مهماً ربما لم يكن غائباً عن الكثيرين لكنه عندما يأتي على لسان أوباما يكون مختلفاً، ومع أنه ربط الأمر بالأيدولوجيات المدمرة في العراق لكنه أكد أنهم «فرضوا النظام الحالي في العراق وأنه نظام مؤقت».
بقلم: د. فراس الزوبعي