محاولة لتحريف القرآن بطلها إيراني

منذ أن نزل القرآن الكريم ومحاولات تحريفه لم تتوقف، وأشهر من أخذ على عاتقه محاولة تحريفه هم اليهود تبعهم في ذلك الإيرانيون، الذين كانت لهم محاولات حمقاء وأخرى تبدو عصرية. من المحاولات السابقة التي تتصف بالحمق، تلك التي جاءت على يد ميرزا حسين محمد تقي النوري الطبرسي الإيراني الذي ألف كتاباً عنوانه «فصل الخطاب في إثبات تحريف كتاب رب الأرباب» الذي خصص له نظام الحكم الإيراني وقتها أموالاً طائلة لطباعته ونشره، فتجرأ هذا المؤلف على كتاب الله بطريقة اتسمت بالحمق، فكتابه أحدث ضجة وفضح توجهات إيران بخصوص القرآن الكريم وهم كانوا يريدون أن يبقى موضوع التشكيك في القرآن حياً دون صلتهم المباشرة به، وبدل أن يكون موضوع التحريف متداولاً بين الخواص أصبح الكل يعرف نوايا إيران ومنهجها، وعلى كل حال فقد كافأت إيران هذا المؤلف بدفنه في بناء المشهد المرتضوي في النجف أقدس بقعة عندهم. أما اليوم، فيبدو أن إيران استفادت من الدرس القديم وبدأت تنحو منحى عصرياً في هذه القضية، خصوصاً وأن مصالحها في هذا الموضوع تلتقي ومصالح اليهود والنظام الغربي، مستغلين وجود «داعش» وما يفعله من ممارسات، وتوجه العالم ضده ليتخذوا منه حجة وسبباً لمحاولة تحريف جديدة، ولأنهم يعلمون جيداً ألا مجال للعب في آيات ومحتوى القرآن الكريم، ذهبوا لأمر آخر وهو تفسيره بالطريقة التي يريدون وتزويق هذا التفسير بأوصاف معاصرة، فقد قاد الإيراني الدكتور حسين نصر وهو أستاذ في قسم الدراسات الإسلامية بجامعة جورج واشنطن فريقاً يتضمن أكاديميين غربيين ومسلمين ترجم القرآن إلى الإنجليزية بطريقة جديدة غير معروفة في السابق، قالوا عنها إنها تحليل دقيق بني على دراسة واسعة من خبراء استندوا إلى مصادر سنية وشيعية، استكشفوا بهذه الترجمة المعنى الروحي للقرآن الكريم والتعاليم القانونية والأخلاق والتاريخ وحياة المسلمين وسموا كتابهم «دراسة القرآن»، معتبرين إياه قرآناً جديداً سيستعيد الدين من المتشددين، ومن خلال هذا التوصيف يتبين أنهم ألفوا كتاباً جديداً أو قرآناً تريده أمريكا وإيران للمسلمين، في محاولة جديدة لتحريف القرآن تبنى على أساس اختلاف اللغة وأن هذا الكتاب يمثل الترجمة الصحيحة للقرآن، بدعوى أن تنظيمات مثل تنظيم الدولة «داعش» استغلت آيات القرآن وفسرتها لتبرير وحشيتها، وجعلوا لائحة طويلة من المسلمين في أمريكا تتبنى هذا الكتاب.
إيران وأمريكا يبذلون جهودهم دوما في تحريف القرآن الكريم والإساءة لدين الإسلام ويبثون سمومهم على عوام الناس، ووجود تنظيمات مثل تنظيم الدولة لا يمكن أن يتخذ بحال من الأحوال ذريعة لتحريف القرآن، وقبلهم كانت هناك محاولات كثيرة للتحريف كلها باءت بالفشل، ولن تتوقف المحاولات، لكن على كل هؤلاء أن يتذكروا دوماً أن هذا القرآن تكفله الله بالحفظ والرعاية ولا يمكن لهم أو لغيرهم العبث به.

بقلم: د. فراس الزوبعي