المطرب الراحل ناظم الغزالي كان متزوجاً من المطربة سليمة مراد، وكما هو معلوم فإن ناظم مسلم وسليمة يهودية، وكانت محبة له متعلقة به أيما تعلق، وعندما توفي أرادت أن تفعل له شيئاً يتناسب ودينه، ولأن المسلمين في العراق اعتادوا في السابق على أن يأتوا بمقرئ في اليوم الثالث والأخير من العزاء ليختم لهم مراسم العزاء بتلاوة شيء من القرآن وبعض الأذكار، فقد أرسلت سليمة في طلب أحد حفاظ القرآن وحضر إلى بيتها وتولى ختم العزاء، أما المعزون فكان أكثرهم من الوسط الفني من المطربين والممثلين أصدقاء سليمة وناظم، ومن بينهم المطربة الراحلة زهور حسين، وخلال ختم العزاء سمع المقرئ صوت أذان المغرب فطلب بصوت مسموع «سجادة صلاة» ليصلي المغرب، فسمعته زهور حسين التي لم تتمكن من السكوت والسيطرة على نفسها فقالت له: «حجي.. يرحم والديك أنت جاي تطلب سجادة ببيت سليمة!»، طبعاً تعجبت لأنه في بيت مطربة ويهودية، يمكن أن يجد عود، كمان، طبلة، أما سجادة صلاة فالقضية صعبة.
نأتي الآن إلى النداء الذي وجهه إسماعيل هنية قبل ثلاثة أيام – هكذا يبدو من تاريخ نشر المقطع المرئي – إلى إيران قيادة وشعباً، وقد تحدث فيه عن الانتفاضة الفلسطينية التي لا شك أننا نقف معها نصرة لفلسطين وأهلها، لكن الغريب أن يوجه هنية رسالة لإيران وملاليها فيقول لهم» إننا نعرف مكانة القدس وفلسطين في قلوب الإيرانيين قيادة وشعباً، وأتوجه بهذا النداء من أجل توفير الحاضنة الاستراتيجية من الشعب الإيراني والشعوب الإسلامية» ثم قال مخاطباً الإيرانيين: «ندرك ونعرف كم هي فلسطين غالية وكم هي القدس عزيزة عليكم جميعاً».
نحن ندرك جيداً أن إسماعيل هنية وباقي قادة فصائل المقاومة في فلسطين يتحملون مسؤولية كبيرة وتمارس عليهم ضغوطات كبيرة من كل اتجاه، والخيارات أمامهم ضيقة وقليلة، وأنهم مستهدفون اليوم حتى من بعض المسلمين، لكن خطابه هذا لا يخرج عن أحد الأمرين، فإما أن يكون صادقاً ومقتنعاً بكل كلمة قالها فهذه مصيبة، لأن هذا يعني أن الرجل يعيش في عزلة وانفصال عن العالم بل حتى عن الفلسطينيين أنفسهم، وأذكر هنية هنا بالفلسطينيين الذين ذبحتهم إيران وميليشياتها في العراق بعد الاحتلال وهجرت من بقي منهم، كما إنه لم يبق أحد إلا وفهم حقيقة الدور الإيراني الخبيث في العالم الإسلامي وعدائها للمسلمين، ولا أدري كيف اعتبر أن القدس وفلسطين عزيزة عليهم ولها مكانة في قلوبهم، مع أنهم يعتبرون النجف وكربلاء أشرف وأقدس من بيت الله الحرام فضلاً عن بيت المقدس، فهل يعد إطلاقهم اسم القدس على فيلق إرهابي تأتى من مكانة القدس العزيزة في نفوسهم؟ وإما أن يبتغي بكلامه هذا تحقيق أهداف سياسية، والواقع أن الخطاب بهذه الطريقة لن يحقق له إلا مزيداً من العداء والتشهير من المتربصين بحماس وهنية، ولا أدري لماذا يركض هنية وراء إيران بين مدة وأخرى مع أنها لم ولن تقدم له سوى الكلام «الفاضي» والوعود الخداعة، وإيران فعلياً تعمل مع الصهاينة بخط متواز ولو ذهب هنية للصهاينة مباشرة لكان خيراً له من الاستنجاد بالفرس.
لقد أدركت زهور حسين أنه لا يمكن الحصول على سجادة صلاة في بيت سليمة مراد، لأنها مطربة يهودية، «فيا حجي هنية أنت جاي تطلب من إيران نصرة!».
بقلم: د. فراس الزوبعي