يبدو أن سوريا لم تعد مصيدة للجهاديين فقط، بل تعدت ذلك لتصبح مصيدة لقادة إيران وميليشياتها، الأمر الذي دعا إيران لبدء سحب قواتها من سوريا، فمن يستهدف قادتها؟ وكيف ستعوض مكان رجالها؟
الجنرال حسين همداني نائب قاسم سليماني من فيلق القدس الإيراني، العميد عبد الرضا مجيري قائد كتيبة الإمام الحسين، الجنرالين حاج حميد مختار بند، وفرشاه حسوني زادة، كل هؤلاء وغيرهم قرابة 30 ضابطاً رفيع المستوى كلهم من قوات النخبة لقوا حتفهم في سوريا خلال المدة القليلة الماضية، بالإضافة إلى مئات الجنود الإيرانيين، حتى أن قاسم سليماني نفسه كبير هؤلاء القادة أصيب في سوريا، أما من يستهدف هؤلاء القادة وجنودهم، فهناك أكثر من احتمال ورد في تقارير عدة لمراقبين ومراكز دراسات، من الاحتمالات أن روسيا هي من تقف وراء تصفية قادة إيران في سوريا لأنها لا تريد أن تنازعها الميليشيات الإيرانية القرار العسكري خصوصاً وأن إيران زرعت هذه الميليشيات لتكون نواة تقود في المستقبل، وبهذا الاستهداف تجري روسيا عملية حل وتفكيك للميليشيات الطائفية، والواقع أن روسيا طالبت عند دخول قواتها إلى سوريا بحصر السلاح بيد الجيش السوري أو أن هذه الميليشيات تقاتل تحت إمرة الجيش السوري، وهناك احتمال آخر يشير إلى أن من يعمل على تصفيتهم ويساعد على ذلك هو بشار الأسد الذي جعلت منه هذه الميليشيات دمية تحركها كيف تشاء، وسلبته القرار السياسي والعسكري، وهناك احتمال ثالث يشير إلى أن المعارضة السورية هي من ألحق القتل بهؤلاء القادة.
لكن بالنظر إلى التوقيت الذي بدأ فيه تصفية هؤلاء القادة سنجد أنه رافق دخول القوات الروسية إلى سوريا، وفي هذه الفترة بدأت أمريكا تسليح المعارضة السورية بأسلحة جديدة ومحدثة منها صاروخ «تاو» سهل الاستخدام والمحدث ليصيب الأبنية إضافة إلى الدروع، بالإضافة إلى أن المعارضة أعلنت عن قتل بعضهم، وهذا يعني أن أمريكا هي من يريد استنزاف إيران وتصفية قادتها في سوريا، وقد ذكرت ذلك في أكثر من مقال قبل أشهر، وقلت أن أمريكا ستعمل على استنزاف الميليشيات الإيرانية في العراق بهذه الطريقة لكن الوضع في سوريا بعد دخول القوات الروسية أصبح مواتياً أكثر، وعلى كل حال الهدف واحد، لكن ذلك لا يعني استبعاد احتمال ضلوع روسيا بهذا الأمر، وقد تكون المصالح الأمريكية والروسية التقت في هذه القضية.
لقد تلقت إيران ضربات موجعة باستهداف قوات النخبة لديها، لذلك بدأت خلال الأيام القليلة الماضية بعملية سحبها من سوريا، إلا أنها لن تترك مكانها فارغاً وستعوضه بالمرتزقة الأفغان وغيرهم ممن أدخلتهم إلى العراق وستدخلهم إلى المحرقة إلى جانب ميليشياتها العراقية التي تخسر أعداداً كبيرة منها بشكل يومي في سوريا.
بقلم: د. فراس الزوبعي