ستة وعشرون قطرياً بينهم كويتي ذهبوا إلى العراق في رحلة «مقناص» بحثاً عن الصقور والحبارى، فوقعوا بيد قوة من الميليشيات الشيعية مؤلفة من 70 سيارة، خرجت لمقناص من نوع آخر، وفي ذلك رسالة ودلالات.
ليس جديداً أن يتواجد في العراق في هذا الموسم عدد من الخليجيين في رحلات «مقناص»، فهم لم ينقطعوا حتى في أيام حصار العراق، وكان أصعب ما في الرحلة في تلك الأيام هو اضطرارهم للذهاب إلى الأردن، أما بعد دخولهم العراق فيمارسون رياضتهم دون خوف لأن «الديرة» كانت آمنة بمدنها وبرها، وبعد الغزو الأمريكي واحتلال العراق لم ينقطعوا عن هذه الرحلات وكانوا يستحصلون الموافقات الرسمية اللازمة من الحكومة العراقية، فالمولعون بهذه الرياضة ليسوا كرعاة الإبل والأغنام يتجاوزون الحدود ويعودون مرة أخرى، وأكثرهم أشخاص لهم شأن في دولهم ولهم علاقاتهم داخل العراق، ولذلك لم يكتفوا بالموافقات الرسمية التي يحصلون عليها بعد الاحتلال وكانوا يستخدمون علاقاتهم لتأمين أنفسهم خصوصاً تلك العلاقات التي تربطهم بشيوخ القبائل أو زعماء الصحوات مثل أحمد أبو ريشة وغيره فهؤلاء كانوا يوفرون رجالاً مسلحين وسيارات ويشكلون قوة ترافق الضيوف خلال رحلتهم في البر، لكن رحلة الـ 26 شخصاً هذا الموسم كانت مختلفة، فأثناء تخييمهم في منطقة الحنية قرب ناحية بصية دخلت قوة مسلحة كبيرة من الميليشيات الشيعية المرتبطة بإيران تستقل 70 سيارة دفع رباعي يوم الأربعاء الماضي إلى بادية «السماوة» التابعة لمحافظة المثنى الجنوبية المرتبطة بالمملكة العربية السعودية بحدود برية، واختطفتهم ولم تتمكن القوة الأمنية المرافقة لهم فعل شيء للخاطفين، وقد صرح محافظ المثنى أن من بين المخطوفين رجل من الأسرة الحاكمة في قطر.
في هذه العملية أكثر من رسالة ودلالة، فإيران تريد أن تقول للعرب إن العراق الذي بات تحت سيطرتها أصبح فارسياً وليس للعرب أن يتنقلوا في بره كما تعودوا، وتريد أن توصل رسالة لشيوخ القبائل مفادها أن لا قيمة لكم ولن تتمكنوا من حماية ضيوفكم كما اعتدتم في السابق حتى لو كان هؤلاء الشيوخ وقبائلهم يتشاركون مع إيران دينياً، بالإضافة إلى أن الميليشيات نشطت في الآونة الأخيرة في أعمال الخطف لتمول نشاطاتها الإجرامية بعدما أفلس العراق، الأهم من ذلك كله توقيت هذه العملية الذي جاء بعد إعلان الرياض عن التحالف الإسلامي العسكري، والذي أزعج إيران وذيولها في العراق، وطريقة الاختطاف كانت استعراضية أكثر منها عملية اختطاف عادية، وربما لن يستمر الاختطاف طويلاً وستطلق الميليشيات سراحهم بعد حصولها على فدية كبيرة من قطر، خصوصاً وأنهم أطلقوا سراح تسعة منهم حتى لحظة كتابة هذه السطور.
مرت 12 سنة وهذه الميليشيات تذبح في العراق وتقتل دون أن يصنفها العالم منظمات إرهابية، وبعد هذا الحادث فإن التحالف العسكري الإسلامي الجديد أمام أول اختبار له ومدعو لاتخاذ موقف من هذه الميليشيات والتعامل معها بالطريقة ذاتها التي سيتعامل بها مع تنظيم الدولة «داعش» خصوصاً وأن التحالف ليس مخصصاً لمواجهة «داعش» وحدها كما أعلن.
بقلم: د. فراس الزوبعي