هكذا يفكر الأمريكيون بنا!

منذ أن بدأ سباق المرشحين للرئاسة الأمريكية ونحن «على بال» الأمريكيين، منهم من يريد عزلنا، ومنهم من يريد دعمنا، في النهاية كلاهما يبحث عن مصالح أمريكا على حساب مصالحنا.
في آخر مناظرة لمرشحي الرئاسة الأمريكية عن الحزب الجمهوري على قناة «سي إن إن، CNN»، والتي جرت بين المرشح السيناتور ليندسي غراهام والمرشح دونالد ترامب، تركز النقاش على الأمن القومي الأمريكي وعلاقته بالأمن والسلم في العالم كله، وجه غراهام توبيخاً شديداً لترامب بسبب تصريحات الأخير المتضمنة دعوات لفرض حظر على دخول المهاجرين والزوار المسلمين إلى أمريكا، معتبراً إياها خطأ جسيماً، غراهام الذي له خبرة لا يملكها ترامب في العالم العربي والإسلامي بسبب 36 زيارة أجراها إلى العراق وأفغانستان، لخص قناعته بأن الحرب القائمة الآن هي حرب دينية «إسلامية إسلامية» طرفها الأول الإسلام المتطرف ولم يسم من يمثل هذا الطرف، وطرفها الثاني الإسلام الحقيقي المعتدل ومعه بقية دول العالم، ورأى أن الفوز في هذه المعركة لا يأتي إلا من طريق واحد وهو طريق مساعدة ودعم المسلمين الذين يمثل غالبيتهم العظمى الإسلام المعتدل غير المتطرف، من أجل تدمير عقيدة الإرهاب والتطرف عند بعض المسلمين، مؤكداً أن معظم المسلمين في العراق والمنطقة العربية لا يتعاملون مع أفكار وتوجهات تنظيم الدولة «داعش»، وأي خطوات لعزل هؤلاء المسلمين كافة من خلال أي إجراءات سوف تعطي مبرراً لـ «داعش» ليسوق هذه الإجراءات على المسلمين المعتدلين لصالحه.
نعم الأمريكيون يفكرون بنا لكنهم يفكرون على طريقة كيف يحصلون على مساعدتنا ودعمنا مع أن الظاهر هم من يدعمنا ويساعدنا، حقيقة الأمر أن أمريكا لا تريد أن تقاتل «داعش» بجيشها وتريد من غيرها أن يقاتل، خصوصاً بعد تكبدها خسائر كبيرة في أفغانستان والعراق، يخدمها في هذا التوجه أن «داعش» باتت خطراً حقيقياً على الدول الإسلامية في المنطقة، لكن من قال لأمريكا وغراهام أن الطرف الأول «الإسلام المتطرف» يمثله «داعش» وحده، ومن قال لهم إن الخطر الذي يهدد دول المنطقة يتمثل بداعش وحده؟! صحيح أن ما ذهب إليه غراهام في أن الإسلام المعتدل يمثله معظم المسلمين وأن أقلية تمثل الإسلام المتطرف، لكن عليه أن يعلم جيداً أننا أمام خطر آخر لا يقل خطراً وتطرفاً عن «داعش» إن لم يكن أكبر منها، ألا وهو الخطر الإيراني المتمثل بإيران وأتباعها في الدول العربية وفكرهم المنحرف المتطرف، أليست إيران هي من دمرت سوريا، أليست هي من تحتل وتدمر العراق، أليست هي من أحرقت اليمن، ألم تجعل من لبنان دولة ميليشيات، ألم تنفذ أعمالها الإرهابية في البحرين؟!
لذلك على أمريكا أن تعلم جيداً أن هاجس الخطر الإيراني عند العرب المسلمين لا يقل – إن لم يكن أكبر – من هاجس خطر «داعش» وأن الحرب على المتطرفين يجب ألا تتجزأ، لأن تجزئتها ستكون تقوية طرف متطرف على آخر مثله والنتيجة أننا سنبقى في الخطر.

بقلم: د. فراس الزوبعي