ماذا ربحت البحرين بإغلاق سفارة إيران؟

إغلاق سفارة دولة ما وطرد سفيرها وطاقمها ليس أمراً هيناً، وهو قرار لا يمكن اتخاذه مجاملة لدولة شقيقة أو صديقة، إنما يدرس وتحسب نقاط الربح والخسارة فيه بشكل دقيق، وهناك دول تشتعل الحروب بينها ولا يطرد السفراء وتغلق السفارات، وأقرب مثال على ذلك إيران نفسها التي اعتدت على العراق وشنت حربها عليه عام 1980 وخرجت منها خاسرة عام 1988، بتكلفة بلغت عشرات المليارات و700 ألف مقاتل من الطرفين، ومع ذلك بقي السفير العراقي في طهران يمارس عمله. والسفراء الإيرانيون في بغداد وعواصم دول الخليج العربي وباقي الدول العربية يمارسون عملهم وسفاراتهم مفتوحة، فلكل مرحلة حساباتها كما أن خطر ملالي إيران ومشروعهم الفارسي كان حديث عهد ولم يبلغ من الأمة ما بلغ اليوم وكان العراق متكفلاً بصده وقتها، أما اليوم فالحسابات تغيرت.
نحن اليوم لسنا أمام مشكلة فردية بين المملكة العربية السعودية وإيران، نحن أمام قضية أكبر وهي عدو يهدد الكل دون استثناء، عدو نجح في زرع عملائه وأتباعه ومن يدينون له بالولاء في كل مكان، لذا على الكل أن يراجعوا حساباتهم في التعامل معه، وقد جاء قرار مملكة البحرين طرد السفير الايراني وإغلاق سفارتها وفق حسابات الربح والخسارة، وهو بلا شك إجراء رابح حقق للبحرين جملة أمور، أولها أنه جاء محققا لأمل مواطنيها بمقاطعة هذه الدولة المارقة التي لم تقدم إلا الشر والإرهاب للبحرين، فعزز هذا القرار ثقة المواطنين ببلدهم وقيادتهم. وثانيها، التخلص من السفارة التي كانت محطة لمخابرات إيران متسترة تحت ستار الحصانة الدبلوماسية وتدير شؤون جواسيسها. وثالثها، قطع الصلة بين الخونة والسفارة التي كانت توجههم من قريب ويعتبرونها بيتهم. ورابعها، ساهم القرار في توجيه أنظار العالم لأصل المشكلة وهي تدخلات إيران وتعديها على دول الجوار وليس إعدام إرهابي حكم وفق القانون. وخامسها، ربحت البحرين تعزيز مكانتها بين دول مجلس التعاون والدول العربية، سادسها، تكلل هذا الإجراء بإيقاف الرحلات الجوية إلى إيران وبذلك تتخلص البحرين من هم الأمتعة المشبوهة التي يحملها بعض المسافرين.
لم تتردد البحرين في اتخاذ الموقف المناسب في الوقت المناسب وفق حسابات صحيحة، موقف اتخذته ثلاثة دول عربية حتى الآن، وجاء بدرجة أقل من دول أخرى فيما تخلفت عنه باقي الدول، علماً أن الدول العربية سبق أن اجتمعوا على اتخاذ الموقف نفسه وأشد من العراق بسبب اجتياحه الكويت، وهو عضو في جامعة الدول العربية، واجتمعوا قبلها على موقف موحد من مصر أيام اعترافها بإسرائيل وطردوها من الجامعة العربية، مع أن هذه الدول ورغم كل الخلافات يربطها مع بعض مصالح اقتصادية وسياسية وعربية، ومشكلة إيران مع العرب اليوم أكبر من كل المشاكل «العربية العربية» وتشكل خطراً عليهم جميعاً دون استثناء، فمن العجب أن لا يكون لباقي الدول موقف السعودية والبحرين والسودان، طبعاً هناك دول مغيبة الآن وتحت الاحتلال الإيراني مثل العراق وسوريا ولبنان، وهذه لا ينتظر منها موقف لأن إيران تسوقها، لكن ما بال باقي الدول وقد جاءتهم الفرصة ليضعفوا عدوهم؟

بقلم: د. فراس الزوبعي