هل تسلم أمريكا المفاتيح لصحواتها؟

يذهب البعض إلى أن الأمريكيين ومن خلال قتال تنظيم الدولة «داعش» في العراق يكررون تجربة الصحوات السابقة، بينما يتأمل كثيرون أن يكون هذا إعداد للعرب السنة الذين يقاتلون على الأرض لإدارة شؤونهم وتكوين جيش أشبه بحرس إقليم كردستان.
أمريكا أدارت تجربة الصحوات في السابق في مناطق العرب السنة ولديها تجربة غنية في هذا الجانب، واليوم تعيد التجربة بعناوين مختلفة كالحشد العشائري والحشد العربي والحشد الوطني، مستغلة الكارثة التي حلت بالعرب السنة والمتمثلة بنزوحهم وتهجيرهم، بعدما اجتمعت عليهم «داعش» والحكومة وميليشياتها، فأكثر النازحين يريدون العودة حتى لو نصبوا خياماً على أنقاض بيوتهم، وهؤلاء تستخدمهم أمريكا لتحقيق مصالحها لا مصالحهم على المدى البعيد، وكل ما يحتاجه هؤلاء قوة منهم تحمي مناطقهم من الخطر الإيراني وأدواته «الحكومة والميليشيات»، وتبعد «داعش» عنهم، لا قوة تطرد «داعش» ليحل محلها «داعش» شيعي، لكن حتى اللحظة قراءة تصريحات الأمريكيين لا تدل على أنهم يريدون أن تكون هذه القوة للعرب السنة وتواجه الخطر الإيراني، فالمتحدث باسم العمليات المشتركة يقول: «التحالف الدولي وفر مدربين مختصين في التدريب على الجرافات المدرعة والناسف الأفعواني لمسح وتدمير العبوات الناسفة والسيارات المفخخة»، من جانب آخر صرح نائب المتحدث الرسمي باسم الخارجية الأمريكية بقوله: «لا نفضل وضع إطار زمني بخصوص موعد القضاء على «داعش» في العراق أو موعد انتهاء معركة الأنبار لكن في الوقت نفسه نضع ضغوطاً هائلة من خلال العمليات الجوية التي تهدف إلى تعزيز ودعم العمليات على الأرض».
تصريحات المتحدث باسم العمليات المشتركة تدل على أن المقاتلين دربتهم أمريكا على أمور بسيطة ومحدودة لتجابه التنظيم وألغامه، لا لتجابه جيشاً، أي أنهم لن يتدربوا على أسلحة ومعدات يتدرب عليها الجيش كالتي تستخدمها اليوم الميليشيات الشيعية، وبالتالي لن يصنعوا منهم جيشاً وأكثر ما سيتحقق هو قوة بقدرات تشبه قدرات الشرطة المحلية، كذلك فإن تصريح نائب المتحدث الرسمي باسم الخارجية الأمريكية يدل على أن هذه القوات لا تستطيع فعل شيء بدون الغطاء الجوي الأمريكي، وبالتالي أمريكا هي من يحدد وقت بداية ونهاية المعارك، وما هم إلا أداة بيدها، وسيبقون مرتبطين بأمريكا وستبقى مفاتيحهم بيدها.
يحدث كل ذلك لأن ملف العرب السنة لا يوجد من يديره مع أمريكا، فهناك أحزاب هدفها البقاء في السلطة ولو بشكل هامشي، وهناك لصوص ونفعيون وهناك وطنيون لا يسمع صوتهم وهناك شعب يباد بالكامل، وبهذه الطريقة ستبقى المشكلة قائمة وهذا ما ليس فيه مصلحة الطرفين ولا حتى دول الجوار العراقي، لأن العرب السنة سيبقون مختلفين ولن يتفقوا على أمر، سواء كان أمراً خاطئاً أم صائباً، ومن مصلحة الجميع العمل على إبراز قيادة حقيقية يحترمها جمهور العرب السنة لتكون قادرة على معالجة كل الملفات المتعلقة بهم، واليوم وبسبب الظروف التي يمر بها العرب السنة هناك فرصة أمام أمريكا والعالم لعلاج المشكلة لا ليشكلوا صحوات جديدة.

بقلم: د. فراس الزوبعي