أبو سالم رجل كبير، كان مهابا يحسب له ألف حساب، اجتمع عليه أعداؤه من كل مكان فأصابوه إصابات بليغة أدت إلى بتر يديه ورجليه، فلم يعد قادرا على فعل شيء إلا الكلام والنظر، له إخوة كثر، وله معارف وأصدقاء وأعداء قدماء، يناديهم بين الحين والآخر، ليساعدوه في قضاء بعض حاجاته بين الحين والآخر، وفي الغالب لا يستجيب له أحد، كان لأبي سالم هذا خمسة «كتاكيت» يتولى رعايتهم بالمراقبة والنظر فقط، ويطلب من إخوانه وأصدقائه المساعدة في الحفاظ عليهم، حتى جاءهم «العتوي» وبدأ يحوم حولهم، فنادى بأعلى صوته على إخوته وأصدقاءه وحتى أعداءه الذين أصابوه بالعجز، يا خوي.. يا فلان.. يا فلان.. سمعه الكل ولم يجبه أحد منهم، فتقدم «العتوي» وأخذ أول «كتكوت» وقطعه بأسنانه وأظافره وابتلعه، ثم عاد ليدور حول الأربعة المتبقين، وأبو سالم ينظر إليه وإليهم وهو عاجز عن دفعه عنهم، حتى اقترب منهم مرة ثانية، فصاح أبو سالم من جديد، يا خوي.. يا فلان.. يا فلان، لم يجب أحد، فأخذ العتوي الكتكوت الثاني وابتلعه أيضاً، وهكذا أعاد «العتوي» الكرة مرات حتى أكل الكتاكيت الخمسة، وبعد أن انتهى منهم انصرف إلى زاوية قريبة يترقب ويتجهز عسى أن يأتي أبو سالم بكتاكيت جديدة، وفي هذه الأثناء جاء أحد أعداء أبي سالم القدماء الذين ناداهم مع من نادى، وهو يمشي بكل هدوء، فقال لأبي سالم، خير.. ناديتنا، ماذا تريد؟ فقال له أبو سالم: «سلامتك .. ممكن علبة «سفن آب» للعتوي حتى يهضم»!
هل عرفتم من هو أبو سالم، ومن هي كتاكيته، ومن أصدقائه وإخوانه وأعدائه، ومن هو العتوي؟ أبو سالم هو العرب السنة في العراق الذين كسرت شوكتهم على مدى ثلاثة عشر عاماً وأضعفوا وقطعت أيديهم وأرجلهم، وجردوا من قوتهم وأسلحتهم حتى لم يعودوا قادرين على الدفاع عن أنفسهم، وكتاكيتهم هي محافظاتهم وأبنائهم فيها، وإخوانهم هم العرب جميعاً، وأعدائهم القدماء، أمريكا وكل الدول التي شاركت في غزو العراق. أما العتوي فهي إيران وميليشياتها التي لم تبق محافظة من المحافظات التي يعيش فيها العرب السنة إلا وأحدثت فيها المجازر ونفذت بحق أهلها جرائم الإبادة الجماعية والتصفيات الطائفية، وآخرها ما حدث من جرائم بشعة في محافظة ديالى، والعرب السنة ينادون على إخوانهم وأصدقائهم ولا مجيب، وعندما أكل العتوي آخر كتكوت جاءت أمريكا في مسرحية الإنزال الجوي في محافظة ديالى بعد أن تنحت الميليشيات جانباً وجلست في الزاوية تراقب إنزال الأمريكيين الذين انسحبوا بعد أن لم يجدوا شيئاً.
سلامتك يا أمريكا.. من فضلك علبة «سفن آب» لميليشيات إيران حتى تهضم!
بقلم: د. فراس الزوبعي