هناك هدف رئيس ومهم بنيت على أساسه علاقة الفرس بالغرب، يتلخص هذا الهدف بسعي كلا الطرفين لتدمير العالم الإسلامي، ولذلك كانت العلاقة بينهما قوية منذ مئات السنين، ومهما حصل بينهما من خلافات فلا تعدو أن تكون خلافات آنية على سبيل المد والجزر لا تؤثر على الهدف الرئيس والعلاقة القوية، أما بالنسبة لنا نحن العرب والمسلمين ونحن نواجه إيران، فليس أمامنا إلا اختراق هذه العلاقة، فما هو السبيل لذلك؟
لا شك في أن هكذا مواجهة تستوجب عقد التحالفات، والتفكير في تحالفات استراتيجية مع الغرب لن يوصلنا إلى نتيجة تخدم مصالحنا، فالغرب نفسه متحالف مع إيران على تدمير العالم الإسلامي، وبالتالي لن يحقق تحالفنا مع الغرب مصالح العالم الإسلامي أو يضر بحليف الغرب الأقدم، أما إيران نفسها فلا يمكن العمل معها، لأن المشكلة لا تكمن فقط في نظام الملالي الحاكم الآن، بل المشكلة متجذرة في الشخصية الفارسية التي هي على استعداد نفسي دائم لإيذاء العرب والعمل على تدمير دولهم، سواء حصلت هذه الشخصية على نظام دولة مثل نظام «الولي الفقيه» الحالي أو لم تقف خلفها دولة، وإيران وإن أبدت اليوم رغبتها في فتح علاقات طيبة مع العرب فذلك لا لأنها تريد فعلاً إقامة علاقات جوار طيبة، لكن لكونها مضطرة لهذا بسبب فتحها أكثر من جبهة للقتال وصعوبة سيطرتها على كل هذه الجبهات.
لذا لا يمكن التعويل على فتح صفحة جديدة مع إيران أو الانحياز لأي جهة من جهات الغرب والتحالف معها، إلا على سبيل العمل التكتيكي الآني، وعلاقة الغرب بإيران لا يمكن أن تخترق إلا بقوة إسلامية لأنها في الحقيقة هدف العلاقات الإيرانية الغربية، وإن لم يعد ممكنا أن تكون الدول الإسلامية دولة واحدة كما كانت، فمن الممكن أن تجتمع هذه الدول تحت تحالف سياسي وعسكري واحد يوحد صفها لتخترق هذه العلاقة التي تستهدفها، لقد تشكل التحالف الإسلامي العسكري أواخر العام الماضي بقيادة المملكة العربية السعودية، وأعلن أن أهدافه محاربة الإرهاب بجميع أشكاله ومظاهره، ويجب أن يتوسع هذا التحالف ليكون سياسياً عسكرياً تدخل فيه كل الدول الإسلامية غير المرتبطة بإيران أو تسيطر عليها بشكل من الأشكال، فلا خيار أمام الدول الإسلامية لتواجه الخطر وتخترق العلاقات الإيرانية الغربية التي عمرها مئات السنين غير هذا الخيار، لتستعيد من إيران تلك الدول التي هيمنت عليها وتدفع عنها خطرها.
ربما إيران تدرك أكثر من غيرها خطورة التحالف الإسلامي وبوضعه الحالي عليها، وهي تدرك جيداً الخطوات القادمة وغير المعلنة لهذا التحالف، وليس بيدها أكثر من طلب التصالح وإعادة العلاقات، لكن الوضع الحالي مع إيران وضع وجود من عدمه، لذا يجب أن ينجح هذا التحالف ويستمر.
بقلم: د. فراس الزوبعي