مسمار في نعش ولاية الفقيه

حدث غير عادي حصل خلال الأيام الماضية عندما كشفت «الاستخبارات الامريكية CIA» عن وثيقة من بين مجموعة وثائق سرية بينت علاقة الخميني صاحب نظرية «ولاية الفقيه» بأمريكا، الوثيقة كانت مراسلات بين الخميني وكشفت أنه لم يكن ليجلس على عرش إيران لولا مساعدة أمريكا، كما بينت أنه تعهد لها بالحفاظ على مصالحها في إيران وعدم تصدير الثورة و»ولاية الفقيه» إلى خارج إيران، وقطعاً لعملية كشف الوثائق هذه دلائل مهمة تنبئ بما قد يحدث في المستقبل، كما أن توقيت الكشف عنها له أهميته أيضاً.
أما توقيت الكشف عن الوثائق فقد جاء في وقت قربت فيه الانتخابات الأمريكية وحظوظ الديمقراطيين في الفوز كبيرة مع وجود المرشح الجمهوري دونالد ترامب، لكن الديمقراطيين بحاجة إلى ما يعزز تقدمهم ولا بد من فعل شيء تجاه إيران خصوصاً وأن الرئيس الأمريكي السابق جيمي كارتر الذي أجلس الخميني على عرش إيران كان ديمقراطياً، والرئيس أوباما الذي مرر الاتفاق النووي لإيران ديمقراطي أيضاً، وكلا الفعلين يعتبرهما كثير من الأمريكيين خطأ، وعليه لابد من فعل شيء يطغى على ما مضى، الأمر الآخر أن إيران في هذه الأيام ركزت على نشر صور الخميني في أماكن الصراع في العراق لتثبت وجودها وتبين أن كل القتل الذي يحصل هو باسم الخميني، وأن السيطرة الأمريكية عليها مفقودة هناك، أما الطريف في موضوع التوقيت هو أن الإفراج عن الوثائق حصل مباشرة بعدما منعت إيران مواطنيها من الحج هذا العام، لأن المملكة العربية السعودية لم توافق على شروطها ومنها السماح للحجاج بمظاهرات خلال الحج عنوانها «البراءة» والتي يهتف بها حجاجها بالموت لأمريكا والبراءة منها، فجاءت الوثائق لتقول لهم أمريكا هي من سلمتكم إيران وأجلستكم على عرشها.
وأما دلائل الكشف عن هذه الوثائق فهي كبيرة ومهمة، فالملالي لم يلتزموا بوعودهم للعم سام وعملوا على تصدير الثورة ومد الأرجل والأيدي والتوسع في المنطقة، وهذا وإن سمحت به أمريكا فيجب أن يبقى محدوداً لا أن تأخذ إيران كامل حريتها، وأن نظام «الولي الفقيه» ربما حانت نهايته وانتهى دوره وكأن الأنظمة الثورية التي سيطرت على دول المنطقة لها عمر افتراضي لا يتجاوز الأربعين إلى خمسين سنة، كما أن إيران ليست بمنأى عن مشروع الفوضى الخلاقة الأمريكي وإن كان حكامها يخدمون إيران، فأمريكا سبق وأن سهلت الإطاحة بالشاه وهو خادمها وشرطيها في المنطقة، فلم لا تطيح بنظام الملالي وتفتح باب الفوضى في إيران خصوصاً أن داخلها مهيأ للفوضى، وفكرة الفوضى الخلاقة ترتكز على مفهوم «ربما ما تنتجه الفوضى من وضع جديد هو أفضل لنا من الوضع الحالي».
لكن ذلك لا يعني أن الغرب سيستغني عن إيران، فهذا لن يحصل لأنه يدرك تماماً أن إيران ومنذ أيام الصفويين تتحكم بشيعة العالم من خلال العمامة السوداء، وقلة قليلة من الشيعة في العالم لا تؤثر عليهم إيران وهم أولئك الذين لا يخضعون لسلطة العمامة، لذا يؤمن الغرب بأن عليه الاحتفاظ بحالة الاتفاق مع من يحكم إيران لتبقى أوراق الشيعة بأيديهم بشكل غير مباشر، وليس شرطاً أن يكون هذا الاتفاق مع الملالي ونظام «الولي الفقيه».
الإفراج عن الوثائق يدل على أن مشروع «ولاية الفقيه» قد حانت نهايته وهذا أول مسمار في نعشه، وانتظروا في قابل الأيام وثائق ومسامير أخرى.

بقلم: د. فراس الزوبعي