الراهب نوري السعيد .. مثل هذه الأمور بالنسبة له زلاطة

القصة هذي يرويها عزيز جعفر الصندوق أحد ضباط انقلاب 1958 اللي يسمون نفسهم الضباط الأحرار، سولف هذي القصة سنة 1961 يعني بعد انقلابهم بثلاث سنوات.
يقول كنا نختلق الحجج حتى نحرج نوري السعيد لما كان وزير دفاع ورئيس وزراء، لأتفه المواقف وكنا دائما نحاول نحط من قدره أمام الضباط الصغار، ويوم من الأيام حصلنا على فرصة وقلنا إذا سمع كلامنا وعمل اللي نريده نقول صار محبس بيدنا، وإذا رفض نشتمه، وهذا اللي صار:
الضباط قدموا لرئيس الوزراء ووزير الدفاع (نوري السعيد) طلب قالوا فيه أن المفتش العام للجيش المستر رنتن قاسي بتعامله مع الضباط لأنه كان يفرض على وحدات الجيش العراقي بمختلف تشكيلاتها إجراء فرضيات (مناورات) بظروف قاسية
بالشتا كان ينفذ الفرضيات بأبرد أماكن كردستان بالثلوج وبأسوأ العواصف الجوية، وبالصيف ينفذ الفرضيات بالأهوار بحيث الضباط ما يتحملون هذي الأجواء، وطلبوا من نوري السعيد أنه يأمر القائد الانكليزي يعدل أوقات وأماكن الفرضيات.
لما قرأ نوري السعيد طلبهم استهزأ بيهم وقال: هذه التدريبات زلاطة وبسيطة … والعسكري لازم يشوف أكثر من هذي، وبالنسبة للي شفته انا هذه ولا شي.. وذكر لهم قصة:
قال لما كنت ضابط صغير بالجيش العثماني حزب العهد التركي كلفني بمهمة سرية .. لازم أروح من اسطنبول للبصرة بدون علم أحد وبدون فلوس، … رحت وتنكرت بملابس راهب فقير وعشت أيام بكنيسة باسطنبول آكل من بقايا أكل القس إلى أن حصلت على باخرة تطلع من اسطنبول لأفريقيا للبصرة وأقنعت القبطان إني فقير وما عندي فلوس ولازم أروح للبصرة فوافق ياخذني على شرط اشتغل بوظيفة تحضير الفحم لمحركات الباخرة وبقيت أشتغل على ظهر الباخرة بملابس الراهب، وبعد ثلاثة أشهر وصلت الباخرة للبصرة وكملت مهمتي على أحسن وجه ومثل ما جيت للبصرة رجعت منها على باخرة بنفس الملابس وهذي المرة أقنعتهم إني راهب من قفقازيا ما أتكلم إلا التركية القفقازية وما عندي فلوس، وكانت رحلة كلها معاناة ومرض ومرارة لكني أديت المهمة بدون تذمر.
بعدين قال لهم العسكري لازم يتحمل هذي الفرضيات لصالحه ولصالح وحدته ويمكن المفروض أكثر من تدريباتكم الحالية والجنرال رنتن يعرف شغله زين وآني ما أتدخل بعمله.
وبعدها الضباط طلعوا من عنده وقالوا هذا عميل يخاف يكلم رنتن.

المهم الضابط عزيز الصندوق يكمل كلامه بسنة 1961 ويقول هسه الرجال راح لدار حقه بس احنا بعد هذا الطلب بسنتين صارت حركات بالشمال بقاطع حاج عمران – گلالة بعز الشتا البارد والثلوج واشترك بيها الضباط اللي قبل سنتين تذمروا من الفرضيات ولما انتهت العمليات ورجعوا لبغداد گاموا يبيعون بطولات ويشرحون قدراتهم على القتال بأجواء مثل القطب الجنوبي ونسوا لولا إصرار نوري السعيد على بقاء الفرضيات اللي أعدها رنتن ما كان قاوموا ولا ليلة وحدة