كيف تكون سياسياً لامعاً في ست خطوات؟

يشهد عدد من الدول العربية تحولات وتغيرات جذرية طالت أنظمة الحكم فيها فيما بات يعرف بالربيع العربي، لاسيما تلك الدول ذات الأنظمة الثورية التي سئمت شعوبها من شعارات جوفاء لا تسمن ولا تغني من جوع؛ كما شهد العالم قبل ذلك احتلال العراق وتغيير نظامه الحاكم، كل هذه الأحداث والتطورات دفعت إلى الساحة العربية السياسية وجوهاً جديدةً وبمواصفاتٍ فريدة من نوعها جعلت دول العالم الغربي الديمقراطي تحسدنا عليها.
طبقة جديدة من السياسيين المؤمنين بإقصاء أصحاب الخبرة وتهميشهم واجتثاثهم بحجة انتمائهم للنظام السابق، وفي الحقيقة أكثرهم ينتمي إلى الدولة لا إلى حزبها الحاكم، لكن السياسيين الجدد آثروا الانفراد بالعمل السياسي والاستحواذ على أكبر قدر ممكن من المكاسب الخاصة، وبعبارة أخرى «خلا لك الجو فبيضي واصفري».
مشهد فتح شهية المواطن العربي الذي لا شأن له بالسياسة، إلى ممارستها ودخول معتركها.. لم لا؟! فالأمر لم يعد حكراً على الحزب الحاكم.
ومن خلال متابعتي التي استمرت أكثر من عشر سنين لأداء هذا النموذج الجديد من السياسيين، وحرصاً مني على تدوين هذه الخبرة، أضع بين يدي المواطن العربي «الطموح» ست خطوات إذا أخذ بها صار سياسياً بارعاً:
الخطوة الأولى: احصل على خمسة أطقم رجالية وبألوان مختلفة، مع نوع أو نوعين من العطور الفاخرة «لزوم الكشخة».
الخطوة الثانية: احصل على نسخة من قاموس المصطلحات السياسية واحفظ عدداً من ألفاظـــه مثــــل «الراديكاليـــــة» و«الشفافيــــــــة» و«الشوفينيـــــــة» و«تكنوقــــــراط» و«براغماتيــــــة» و«ثيوقراطيـــــة» و«فيدرالية»، واستخدم هذه الألفاظ في كلامك حتى لو لم تكن عارفاً بمعانيها، لكن حاول أن تفتتح كلامك بما يظهر أنك عالم بالسياسة ودهاليزها، مثلاً الحصان يجب أن يتقدم العربة لا أن تتقدم العربة الحصان..
بغض النظر عمن هو الحصان. الخطوة الثالثة: احرص على أن يكون علم بلدك خلف ظهرك وأنت تلتقط الصور أو تتحدث إلى وسائل الإعلام.
الخطوة الرابعة: حاول وأنت تتحدث أن يكون كلامك مرتباً ونابعاً من أصول مهنتك الأصلية، فإن كنت طبيباً فاستعمل عبارات مثل «العملية السياسية» و«المخاض السياسي» و«الولادة المتعسرة للقرار»، وإن كنت ممن يحيون الأفراح والليالي الملاح فاستعمل عبارات مثل «العرس الديمقراطي» هذا وأنت تصف الانتخابات طبعاً، وإن كنت خبازاً فاستخدم مثلاً عبارة «الشعب معجون بالمحبة والتآلف» واصفاً اللحمة الوطنية.
الخطوة الخامسة: لابد لك من الحصول على جنسية وجواز سفر آخر لبلد أوروبي أو أمريكي، لتمتلك حرية أكبر في التصرف واتخاذ القرار، فما سترتكبه من «بلاوي» لن يسمح لك بالبقاء في بلدك بعد خروجك من معترك السياسية، ولن يتمكن من حمايتك من الملاحقة القانونية وغضب الناس سوى هذا الجواز الأجنبي ودولته التي ستؤويك وتوفر لك الحماية.
الخطوة السادسة: شكل ميليشيا جديدة أو اعتمد على واحدة من المتوفر على الساحة، لتكون مهاباً يحسب له حساب، فلن يثبت وجودك على الساحة إلا هذه الميليشيا.
وأخيراً إذا أخذت بهذه الخطوات الست، فأنت وبلاشك سياسي محنك ولامع، تتناسب والمرحلة، وتنسجم مع تغييراتها، وهذا بالضبط ما يريده النظام العالمي الجديد من دولنا العربية.

بقلم: د. فراس الزوبعي

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *