فهمي بك المدرس، سياسي عراقي وكاتب ومؤلف وأديب وشاعر، يتقن اللغتين التركية والفارسية بالإضافة إلى العربية، قضى 15 سنة من عمره أستاذ بالجامعة العثمانية باسطنبول، ولما تأسست المملكة العراقية وتأسست جامعة آل البيت ببغداد شغل منصب أمين الجامعة، بأواخر سنة 1935 تعين بمنصب مدير عام المعارف، وبقى بهذا المنصب 14 يوم بس وتركه…. زاره بمجلسه الأستاذ عبد القادر المميز صاحب جريدة أبو حمد وسأله، أستاذ انت ليش قبلت بهذي الوظيفة؟ گال له ضغطوا علي الأصدقاء وجبروني وانت تعرف آني احترم وزارة المعارف.. سأله، زين انت شنو ربحت من هذي الوظيفة وانت بقيت بس 14 يوم بيها؟ گال له والله ماكو ربح، بالعكس خسرت من وراها 30 دينار! گال له: شلون يصير؟ گال اسمع، أول شي راتب الـ 14 يوم أخذته من طلعت ووزعته على الفراشين بغشيش، أما شلون خسرني هذا المنصب 30 دينار فهذا له قصة غريبة، قبل سنين كنت بلندن وخلصت فلوسي وكنت انتظر حوالة من بغداد تأخرت علي، فراجعت تاجر يهودي بغدادي واستقرضت منه 30 باوند، والرجل دفعها لي بطيب خاطر، وبعد كم يوم وصلتني الحوالة فأخذت المبلغ ورحت زرته ورجعت له الدين، لكنه ما قبل ياخذه، وگال لي: يابه آني مو محتاج وانت عندك سياحة طويلة بأوروبا وتحتاج للفلوس، خليها بجيبك وبعدين رجعها على راحتك، قبلت وشكرته وأخذت الفلوس، وخلصت جولتي ورجعت لبغداد، ودزيت رسالة لصديق بلندن گلت له أرسل لي عنوان التاجر فلان حتى أرسل له حوالة، فجاني الجواب أن هذا ما عنده عنوان ثابت يوم بلندن يوم بباريس يوم بأمريكا، خلصت الأشهر والسنين وآني أفتش عن عنوانه حتى ادفع اللي بذمتي وما عرفت له عنوان، ويوم الي قبلت وظيفة مدير عام المعارف نشرت الجرايد الخبر، وكم يوم وإذا برسالة توصلني من فلسطين من التاجر اليهودي يقدم لي التهاني بمناسبة المنصب الجديد ومكتوب بالرسالة عنوانه، ومباشرة دزيت له المبلغ بحوالة على محل إقامته، وهذا ربحي اللي جنيته من مديرية المعارف.
ألف رحمة على روحك أستاذ فهمي انت متأكد من هذي السالفة؟! لإن أشوف بهالأيام المناصب يبيعوها ببغداد وباقي العراق بيع، ومرات تدخل مزاد ويوصل سعرها ملايين الدولارات، يعني السالفة ما بيها خسارة كلها ربح، وأنت تگول طلعت من المنصب بخسارة 30 دينار.