في بداية الثلاثينيات كان الشباب من خريجي الثانويات – في وقتها شهادة جيدة – يعانون من مشاكل عدم التوظيف، بوقتها الجرايد كتبت تنتقد الشباب لإنهم ما يفكرون بالعمل الخاص ويركضون ورا وظايف الحكومة ويقبلون بأي وظيفة حتى لو متدنية مع أن فرص العمل الخاص كانت موجودة، وبالوقت نفسه كانت الجرايد تنتقد الحكومة، على بعض الوظائف، ومن بين الانتقادات ذكروا أن في إدارة السكك وظيفة غريبة عجيبة يشغلها واحد هندوسي اسمه مستر آربر، شنو سالفة آربر؟ يقول لك: بإدارة السكك الحديدية دائرة محاسبات بيها عدة شعب كل شعبة يرأسها ملاحظ وكان مستر آربر ملاحظ وحدة من الشعب، راتبه الشهري 22 دينار ونص عدا السكن وأجور الماء والكهرباء وتذاكر سفر بالدرجة الثانية برا وبحرا، وبمقابل هذي الامتيازات الكبيرة شنو مهام سيد آربر؟ يقول لك: عنده تسع مهام، 1ـ الإشراف على دوام فراشي الوزارة. 2ـ الإشراف على نظافة أثاث الدائرة. 3ـ إرسال المرضى من الموظفين إلى التداوي. 4ـ بيع الطوابع. 5ـ توزيع القرطاسية على الكتّاب. 6ـ توزيع المحروقات أيام الشتاء. 7ـ إنجاز الطلبات الخصوصية لضباط الدائرة. 8ـ الإشراف على كتّاب الصادرة والواردة. 9ـ قبض الراتب السمين نهاية الشهر!
والجرايد طيحت حظه وقالوا هذا خراعة خضرة مو موظف!
هذا الكلام طبعا بالعهد الملكي “البائد” على گولة اللي أبادوه.. المهم يگولون العراق الجديد بالعهد الجديد الحالي تطور “عن ذي قبل” والمستر آربر راح، وجاء مكانه سيد جويعد ما أدري حجي جويعد، والتسيب مال آربر انتهى، لإن جويعد خلص حياته بالنضال ويعرف قيمة العمل والبناء، لذلك صار يشغل الوظائف الآتية: 1ـ مناضل.. لا هاي مال بعثيين وشيوعيين، الجديدة “مجاهد” وياخذ عليها راتب.. حقه، يستاهل خلص عمره يدافع عن الشعب الخانع..2ـ رفحاوي نسبة إلى رفحة المكان اللي لجأ له بعد “الجهاد” القديم.. يالله يستاهل “يجني ثمرة أعماله”. 3ـ سجين سياسي “نفس المشكلة السابقة.. كل شوي نعيد صارت مفهومة ما يحتاج” 4ـ موظف بالدولة بدرجة مدير عام وانت صاعد “لإن حقه لازم يعوض اللي فاته” وهذا مهامه لا تعد ولا تحصى. 5ـ متقاعد من مدير عام. 6ـ وكيل وزير بعد ما تعين بعد التقاعد.. المهم كل هذي الوظايف عليها رواتب بالملايين وجويعد يستهال إنسان منتج بس المشكلة مو هنا.. المشكلة إن جويعد هذا طلع فضائي ما له وجود فيزيائي، الشي الفيزيائي الوحيد هو الرواتب اللي تصرف له، في حين الكائنات الفيزيائية عاطلين عن العمل.
فراس محمد