يقولون – والعهدة على القايل – كان أكو ببغداد تاجر اسمه حسقيل محبوب بين الناس، مسؤول المالية بالولاية كلما تخلص الولاية فلوس يأخذ دين من حسقيل، ويكتب له ورقة بالدين بدون توضيج أجل السداد، إلى أن تدهورت أمور التاجر بيوم من الأيام، ومعروف عن التاجر لما تتدهور أموره يدوّر بدفاتره “العتيگة”.
أخذ حسقيل السندات وراح لمسؤول المالية يطالب الدولة بفلوسه، ومسؤول المالية ضاربه الإفلاس مثل التاجر واللي يجيه يا دوب يكفي مصاريفه ومصاريف الوالي – اللي ما تغيرت طبعا – وطبعا ما حصل حسقيل منه ولا فلس، فانزعج وراح يشكي همه لواحد من أصدقائه اللي قال له: الحل عندي!
شلون! يا معود على بختك! شنو الحل؟
قال له عليك بالرگاع – الاسكافي- فلان، هو يفك كربتك! قال له: أقول لك مشكلتي ما يحلها إلى والي، سلطان، تقول لي روح للرگاع! آني طلابتي ويه مسؤول المالية يعني ويه الدولة! أنت تقشمرني!
قال له: مشكلتك ويه مسؤول المالية ويه الوالي ويه الأمير عادي، أنت بس روح للرگاع ولا تتركه إلا يحل مشكلتك! ضرب التاجر الأخماس بالأسداس وشاف ما عنده حل وراح للرگاع، مرحبا عيني .. هلا أغاتي.. آني سالفتي كيت وكيت، قال له: انت منو دزك علي؟! قال له: مو مهم، آني بشاربك!
مد الرگاع يده لأحذية قديمة مكدسة وطلّع منها ورقة صفرا قديمة وقال له خذ هذي الورقة وسلمها لمسؤول المالية وحقك يوصلك لا تهتم.
طلع حسقيل، وفتح الورقة وقرأ المكتوب عليها “خلّص هذي المسألة لو أوذن!” تعجب من المكتوب بس ما عنده خيار، أخذها وراح لبيت مسؤول المالية وسلمها له، وأول ما قراها وقف وقال للتاجر على عيني وراسي، تدلل، حاضر، ما يصير خاطرك إلا طيب، روح للخازن دار وهو راح يسلمك كل مستحقاتك.
فعلا راح واستلم كل حقوقه، بس قبل ما يروح لبيتهم أخذ الفلوس وراح للرگاع وقال له: والله ما أروح لبيتي ولا أشكرك إذا ما تفهمني شنو سالفة هذي الورقة السحرية؟! حاول الرگاع يتخلص منه ما نفع، فقال له: باختصار فد يوم مريت من أمام باب أحد الحمامات وشفت الناس متجمعين، خير.. شكو يا معودين.. شنو السالفة؟ قالوا هذا ابن الوالي شاف وحده حلوة بالشارع ودفعها لهذا الحمام ويريد يعتدي عليها وهي تستنجد بالناس والناس يخافون منه، فركضت للجامع وصعدت للمنارة وأذنت وما كان وقت صلاة.
سمع الوالي الأذان وقال شنو هذا الأذان هذا مو وقت الصلاة، وين هذا المؤذن، فأخذوني للوالي وقلت له ما عرفت شلون أوصل لك وأبين لك شلون ابنك يتسلط على أعراض الناس إلا بهذي الطريقة فالوالي دز الحرس أخذوا ابنه وحتى يسكتني قال: أنت تستاهل كل خير أطلب! قلت له: مولاي آني فقير وراضي بقسمتي، بس أريد منك تكتب لي ورقة مكتوب بيها هذي العبارة: “خلّص هذي المسألة لو أوذن!” وتبلغ كل المسؤولين بقصتها حتى إذا أكلوا حق أحد أدز لهم الورقة وهم يعرفون السالفة بيها فضيحة، وأمر منك بهذي الورقة بتنفيذ المطلوب وينفذون، لذلك أخذ فلوسك وروح نام قرير العين ببيتك
هسه احنا ما افتهمنا سالفة اللي يقودون العراق هالأيام من يا جنس، من يا ملة! شو نهبوا البلد أكثر من 17 سنة، فلسوه وطيحوا حظه، ومصوا دمه، وهسه خلصوه وأكلوه وانداروا على الموظفين والمتقاعدين وأكلوا حقوقهم ونهبوا رواتبهم، وهسه متمالخين على الحديدة اللي وصلوا البلد لها ويريدون يشيلوها، وهم واحدهم عنده كل قصة وقصة تخزي، وألعن من قصة ابن الوالي، والمصيبة ما بقت قناة فضائية ولا وسيلة إعلامية إلا ويؤذنون بيها بفضايحهم ومخازيهم، وهم ولا كأنه.. الله يرحم زمان اللي كان به حتى الظالم والمنحط عنده شي يرده ويردعه.
فراس محمد