رؤوف أفندي أبو الصحن، شخصية بغدادية قديمة معروفة، مجلسه حلو ولطيف، صاحب نكتة وسريع البديهة، كانت هوايته سرعة حساب أحرف الكلمة، يعني إذا تقول له “مدرسة” يقول لك بلمح البصر أم خمسة، تقول له: “أحمد” يقول لك أبو أربعة وهكذا، رؤوف ما يدخن ولا يشرب قهوة ولا يشرب شي من المسكرات، لكن بالنسبة للمسكرات إذا حصل منها شي ببلاش يشرب شويه وبس بالليل، وإذا ما حصل شي ببلاش ما يتقرب لها، وحتى إذا شرب شي قليل، مستحيل يخربط بالكلام.
المهم يوم 25 تشرين الثاني/نوفمبر 1929 راح گعد بمقهى أبو عزيز وكان ساعتها شارب له “كمع” من عرگ “دوبارة” – محلي الصنع – دخل الگهوة وگعد بصف نوري ثابت “حبزبوز” وسلمه نسخة من مجلة “المصور” وكان عليها صورة المنطاد الانگليزي (R 101) وقال له تفضل.. شنو هذا؟
بدا أبو ثابت يشرح له عن المنطاد بعدين رؤوف قال له: يعني هذا مال الكفار! إذن لازم نعدمه!
أبو ثابت قال له: شلون!
رؤوف قال له: سمعت بعد شهرين هذا المنطاد راح يزور بغداد بطريقه للهند!
ـ نعم
وإذا مر بسما بغداد نجتمع كبيرنا وصغيرنا، عالمنا وجاهلنا، شريفنا ووضيعنا بالقشلة، وندعو الله عز وجل أن ينفخ الروح بهيكل الأعرابي الراكب فوق الجمل فوق ساعة القشلة، فإذا مر المنطاد من فوق القشلة طعنه الأعرابي بالحربة اللي يحملها مع الراية وبهذي الحالة يبقى المنطاد معلق بالسما فوق دجلة!
قال أبو ثابت: عال العال! وبعدين!
قال: بعدين نصنع “طيارة هندية أم سناطير” من كاغد معشر، ونشمّع خيطها بمسحوق الزجاج ونطيّرها على تيار الهوا الغربي، بعدين كلنا نسحب الطيارة ونهوّس: هيا مولا! هيا مولا، حتى يصادف خيطها وهو “أحد من السيف” بطن المنطاد ويشقه نصفين، وبهذي الحالة يوگع الكفار اللي بالمنطاد بنهر دجلة، وساعتها يهجم عليهم “البلاّمة والگفه چية” ويقتلوهم بالمرادي والكركات، والسلام!
هم زين رؤوف كان وطني وشرب “دوبارة” المحلي اللي وصله لهذي الفكرة الظريفة اللطيفة للتعامل ويه “الكفار”، واللي ما طلعت حدود گهوة أبو عزيز، أما لو كان عابر للحدود كان “شفط” له كم حاجة من منتوجات الأرجنتين وشمر له أربع صواريخ على القشلة توگع بالبتاويين وتذبح طفل عراقي!
فراس محمد