طموح الهيمنة الإيراني على دول المنطقة ومنها البحرين كبير لا يحده حد، ولأجله صنعت الأحداث وهيأت الفرص، ومنها مباحثاتها حول المشروع النووي، لكن لهذا الطموح عوارض أهمها المملكة العربية السعودية.
حلم إيران بإعادة بناء الإمبراطورية الفارسية التي أفل نجمها بعد الفتح الإسلامي في معركة القادسية لا يزال حاضراً ولأجله وضعت الخطط منذ زمن طويل وشرعت في تنفيذها، إعادة بناء تلك الإمبراطورية يستلزم إعادة الهيمنة والسيطرة على الدول المتاخمة لها والدول التي سبق وأن كانت تحت سيطرتها في يوم من الأيام مثل اليمن، هذه الهيمنة والسيطرة لا تستلزم أن تخرج إيران خارج حدودها بجيشها بل يكفي أن تسيطر على الدول بشكل غير مباشر من خلال تغيير أنظمتها بأنظمة تدين لها بالولاء وتعمل وفق ما تخطط لها، وهذا ما حصل فعلاً في العراق الذي وقع تحت سيطرتها بالكامل، وما تسعى وتخطط له في دول أخرى. أما محاولة فرض هيمنتها على مملكة البحرين فقد أولتها أهمية كبيرة واعدت لها بل وتعدها إحدى مشاكلها مع أمريكا، وقد صرح بذلك ممثل المرشد الأعلى في الحرس الثوري علي سعيدي قائلاً: «إن المشكلة مع أمريكا ليست فقط في الملف النووي، بل جغرافية العالم الإسلامي.. ولنا حديث مع أمريكا حول البحرين ولن نسكت عن هذا أبداً»، هذا الحديث جاء في خطاب ألقاه في مؤتمر «صناع ملحمة البصيرة» الذي عقد مؤخراً في مدينة كرمان الإيرانية، وجاء الحديث إشارة إلى حضور «الشيخ علي كرب آبادي» الذي وصفته الصحف الإيرانية بأنه «أحد المناضلين البحرينيين»، هذا يعني أن إيران تنوي وضع البحرين ضمن الجغرافيا التي ستتفاوض عليها مع أمريكا، أما طبيعة حديثها مع أمريكا عن البحرين فسيتركز حول تمكين أتباعها من مفاصل حيوية في الحكومة بدعوى الإصلاح، وتتولى أمريكا عبر قنواتها الدبلوماسية والمنظمات العالمية الضغط على البحرين لتحقيق هذا الهدف.
ومع ذلك تدرك إيران جيداً أن لهذا الطموح عوارض أهمها المملكة العربية السعودية التي تمثل البحرين بوابتها الشرقية، وإن أي شكل من أشكال النفوذ الإيراني فيها يعد تهديداً مباشراً لأمن وسلامة المملكة العربية السعودية، وهو ما عبر عنه «سعيدي» صراحة في خطابه عندما تحدث عن الدور السعودي في البحرين وعرقلته للمشروع الإيراني فيها.
أطماع إيران في المنطقة بأسرها قديمة جداً، خطت نحو تحصيلها خطوات كبيرة، أكبرها كان عند التقاء مصالحها المتمثلة بالنفوذ والتمدد ونشر الفكر الشيعي وإعادة بناء الامبراطورية الفارسية، مع مصالح الولايات المتحدة في المنطقة، التي وجدت في إيران خير حارس لها، ولكن الموضوع يبقى خاضعاً لميزان المصالح التي ستتحرك أمريكا في إطاره، أما السماح بتمكين أتباع إيران في البحرين فذلك يعني بداية تحقيق مشروعها.
بقلم: د. فراس الزوبعي