جيش محمد العاقول

منذ احتلال العراق وحل جيشه بقرار من سماحة آية بوش العظمى بول بريمر وحتى اليوم والجيش العراقي خارج تاريخه.

بني هذا الجيش على أسس صحيحة، وضم خيرة رجال العراق وأبطاله، ووصفت الكلية العسكرية التي تزوده بالضباط “بمصنع الأبطال” خاض خلال تاريخه الحافل حروبا عدة، انتصر وانكسر، ومر بمراحل عصيبة، إلا أنه خلال كل ذلك كان جيشا منضبطا، ولا بد لكل من خدم فيه أن سمع من أحد ضباطه عبارة “جيش محمد العاقول” وهي عبارة تقال توبيخا لمن لا ينضبط في سلوكه العسكري، يراد بها أن الجيش العراقي منضبط، ليس كجيش محمد العاقول.. يقال أن محمد العاقول رجل شكل مجموعة لقتال المحتل البريطاني في ثورة العشرين، إلا أن رجاله لم يكونوا منضبطين يذهب أحدهم يمينا والآخر يسارا، فذهب جيشه مثلا يتندر به للفوضى وعدم الانضباط.

إلا أن الجيش العراقي بعد حله لم يعد من جديد، وحلت محله ميليشيات ائتلفت فيما بينها على أساس طائفي، منتحلة صفته، متخذة من اسمه عنوانا لها، مهمتها قتال أهل السنة وتصفيتهم واعتقالهم وتعذيبهم في أبشع عمليات التطهير الطائفي الذي شهده العراق.

هذه الميليشيات تشن حربها اليوم على محافظة الأنبار السنيّة، وبعد أن تكبدت خسائرها في مواجهة ثوار العشائر، راحت تفتك بالأطفال والنساء والعزل والآمنين في بيوتهم، بقصفهم بالطائرات المروحية والمدفعية.

قبل أيام سربت هذه الميليشيات تسجيلا فيديويا لغرفة عملياتها في مهزلة كوميدية، حيث ظهرت غرفة تضم ثلاثة ضباط يحمل كل منهم رتبة فريق، وعلى رأي الشاعر “رتب وتيجان لمن خاضوا المعارك في الخيال”، على كل حال الثلاثي المرح جلسوا على كراسي أحدها دوار يلف به صاحبه يمنة ويسرة ويحمل بيده جهاز إرسال بهوائي طوله نصف متر، ويواجهون شاشة تلفزيون حجم 40 عقدة، تنقل لهم صورة جوية لأحد أحياء الأنبار السكنية عبر طائرة مسيرة بدون طيار، في الغالب أنها أمريكية، وتظهر الصورة مجموعة من المارة في الشارع، أما غرفة العمليات ففي فوضى وهرج، أحدهم يقول مخاطبا الخائن محافظ الأنبار بقوله: “السيد المحافظ هؤلاء المسلحون، لن نقصفهم حتى تقولوا أنهم مسلحون”، في ذات الوقت قال ضابط آخر مخاطبا صاحب جهاز اللاسلكي: “وجه لي طائرة مروحية تقصفهم فهم لا يحملون أي سلاح”، وكلام الأخير صحيح فمروحياتهم لا تجرؤ على التقرب من الثوار المسلحين لأنهم أسقطوا عددا غير قليل منها، وضرب العزل مهمتها، لكن الأول ثبت على المحافظ الخائن أنهم يقصفون بأمره.

بالله عليكم هل من الإنصاف تسمية هؤلاء بجيش العراق، بل أن من الإجحاف وصفهم بجيش محمد العاقول فهو على فوضويته شكل من أجل مقاومة المحتل.

من يقاتل أهل الأنبار اليوم ليس جيشنا ولا يمثلنا، وجيش العراق سيعود يوما ما وستكون هذه الفترة خارج تاريخه بلا شك.

بقلم: د. فراس الزوبعي