خطاب «أبوحسين» بخصوص أحداث العراق كان مخيباً لآمال من توكل عليه وعده ذخراً إذا ما ادلهمت الخطوب، فبدلاً من نصرتهم مسح بهم الأرض لعدم حفاظهم على المكتسبات، فكانت إيران البديل الحاضر.
الخطاب المقتضب للرئيس الأمريكي باراك أوباما بخصوص أحداث العراق الجارية فاجأ السياسيين العراقيين الذين ركبوا القطار الأمريكي القادم إلى العراق بقيادة «الكابتن» بوش الصغير عام 2003، والذي عودهم على إقحام الجيش الأمريكي في كل نازلة يتعرضون لها، متناسين أن أوباما حصل على أصوات الأمريكيين عندما وعدهم بسحب الجيش من العراق، أوباما اعتبر هذه الأحداث فرصة ليعلن عن حقائق لطالما تستر عليها الأمريكان منها الطائفية التي يتعامل بها قادة العراق الجدد والتي أسسوا جيشهم بناءً عليها، وكذلك تهميش وإقصاء وظلم نصف العراقيين على خلفية طائفية، إضافة إلى فشلهم في بناء الجيش العراقي، كما ذكرهم بخسائر أمريكا البشرية الكبيرة في العراق وكيف أنهم رغم كل هذه الخسائر لم ينجحوا في الاتفاق بينهم، في المقابل لابد لأوباما أيضاً أن يعرف بعض الأمور، فالقطار الأمريكي دخل بعرباته محمية الأسود برفقة الجيش الأمريكي، وركابه بقوا في العربات ولم يجرؤوا على النزول لتثبيت أنفسهم بعد انسحاب الجيش الأمريكي، ثانياً، أليست أمريكا هي من حل الجيش العراقي وأسندت تأسيس غيره لراكبي قطارهم، ليحمي مصالحهم ومصالح عملائهم؟ فكانت النتيجة هي جيش من العصابات الطائفية فرّ عند أول مواجهة، ثالثاً، السياسيون الذين يلقي أوباما اللوم عليهم أليسوا هم نتاج سياسة أمريكا في المنطقة؟.
ومع ذلك فقد ضم الخطاب تصريحات حملت في طياتها بعض الإشارات منها أن العراق دولة ذات سيادة، وأن أمريكا ستكتفي بالمراقبة عن كثب دون تدخل عسكري، وكذلك الإشارة إلى أن ما يجري في العراق ربما سيقود إلى حرب أهلية طويلة الأمد، كل هذه إشارات بمثابة الضوء الأخضر للمالكي ليطلب التدخل العسكري من إيران التي بادرت فوراً بطرح نفسها بديلاً عن أمريكا وأرسلت ألفين من مقاتلي الباسيج الإيراني حسب التقارير، ثم ما لبثت أن عرضت على أمريكا التعاون في ما يخص أحداث العراق التي أحدثت هزة في مشروعها هناك وربما ستطيح به في المنطقة إذا ما نجحت هذه الثورة، أما أوباما فلن يعود بالجيش الأمريكي إلى العراق بعدما اعتبر خروجه إنجازاً، وإرساله حاملة الطائرات إلى الخليج ليس أكثر من رسالة يمكن قراءتها على وجوه متعددة ربما يكون أحدها موجهاً لإيران لإيقافها عند الحدود المرسومة لها.
خطاب أوباما كان بمثابة فصل القاطرة عن العربات في القطار الأمريكي الذي جاء إلى العراق عند غزوه، وربما ستتدخل أمريكا لاحقاً بشكل غير مباشر لكنها ستتأخر لتفرض شروطها على الجميع بعد أن تكون الحرب الطائفية أنهكت كل الأطراف.
بقلم: د. فراس الزوبعي