يقف العراق على مفترق طرق، وتلوح في أفقه سيناريوهات عدة للحل، بعضها كارثي يبدأ بحرب أهلية، وأخرى حالمة لا يمكن تحقيقها، وأخرى قابلة للتطبيق، فما هو السيناريو الأمثل المتوقع للحل والذي لا يتعارض مع الواقع ويقبله المجتمع الدولي؟
يمسك الثوار بالأرض التي أخرجوا جيش المالكي منها وهم في تقدم مستمر، لذا هم من سيفرض سيناريو الحل، ثوار اليوم يتحركون باسم العرب السنة ويمثلونهم بعد أن انسلخ سياسييهم عنهم، وقد أثبتوا وجمهورهم أنهم أكثر وعياً من سياسييهم من خلال القرارات التي اتخذوها بعد الاحتلال مروراً بالاحتجاجات السلمية وصولاً إلى الثورة المسلحة اليوم، لكن عدم وجود قيادة تجمعهم سمح لإيران وأتباعها في العراق جني ثمار زرعهم، ونجحت في ملاحقتهم والتنكيل بهم طوال السنوات الماضية، واليوم لا بد للوعي الذي يتمتعون به أن يقودهم لسيناريو حل واقعي يحقق مطالبهم ويحفظ أمنهم ويجنب العراق التقسيم ويحوز على قبول المجتمع الدولي الذي يؤكد على وحدة العراق.
بعد العام 1991 ثمة متغيرات طالت الشعب العراقي ولعل جوهرها ما يعيشه العراق اليوم، فبعد ذلك العام غاب الولاء للوطن وحل محله الولاء للطائفة والقومية، ولابد لأي حل واقعي مراعاة ذلك التغيير، لذا من المتوقع أن يكون سيناريو الحل في العراق هو الإعلان السريع عن إقليم كونفدرالي خاص بالعرب السنة تضم حدوده كل الأماكن التي يعيشون فيها، تشكل له قوة مهنية لحمايته تتألف من قوى الثورة المعتدلة بمن فيهم ضباط الجيش السابق، يشرح قادته لدول العالم رؤيتهم لهذا الحل ويؤكدون احترامهم لحقوق الأقليات كافة وللأعراف والمواثيق الدولية ويعطون التطمينات اللازمة للمجتمع الدولي حول أهدافهم ورؤيتهم السياسية والاقتصادية في إطار الدولة المدنية التي تحترم الأفراد وتقيم العدل وتضمن الأمن الاجتماعي والسلم الأهلي وتكون عنصراً فاعلاً في استقرار المنطقة، إذا سار الحل بهذا السيناريو سيشكل ضمانة لوحدة العراق، ويبعد عنه شبح التقسيم والصراع الطائفي، وبه ستختفي كل الرايات المرفوعة اليوم كي لا يتكرر المشهد السوري في العراق فالإقليم قوته مهنية لا جماعات وفصائل متعددة، سيناريو متوقع الحدوث ويبدو أنه الأكثر واقعية بعدما وصل الحال في العراق إلى ما وصل إليه، وفقدت مشتركات العيش وفقدت القيادة القوية العادلة، وإذا كان الأخوة في البيت الواحد يلتجؤون إلى نوع من الاستقلالية داخل بيتهم عندما يهيمن أحدهم على الآخر فمن باب أولى أن يدير من تجمعهم المشتركات شؤونهم داخل البلد الواحد، فالوضع في العراق خطير جداً ويتطلب من العقلاء اختيار الطريق الصحيح الذي يجنبهم الدمار.
إذا كانت الدول العربية والعالمية جادة في إيجاد حل للوضع العراقي فعليها الضغط على الثوار وجمهورهم لإيجاد قيادة موحدة تمثلهم في الداخل والخارج وتقدم لهم الدعم إن تبنوا هكذا سيناريو.
بقلم: د. فراس الزوبعي