عندما تعجز كل الأطراف الداخلية عن حل قضية بلد ما، يبقى المجتمع الدولي قادراً على حلها إذا أراد وإلا سوف يسمع ويطرب للحديث دون فعل.
يقولون إن أحد شعراء البادية حل ضيفاً على أحد الشيوخ وقال فيه قصيدة عصماء راقت له، فأمر له بعشرة من الإبل «طبعاً كانت في وقتها ثروة»، فقرر الشاعر أن يستخرج كل مكنوناته الشعرية وطاقاته الأدبية وقال فيه قصيدة أخرى، فقرر الشيخ أن يزيده عشرة أخرى، وهكذا حتى قال الشاعر عشر قصائد ووهب له الشيخ مائة من الإبل، بعدها ذهب صاحبنا للنوم وأخذ يخطط لحياته القادمة، فكسر الربابة وقرر بيع عشرين ناقة ليشتري بيتاً جديداً ويتزوج ويعمل في التجارة، وعند الصباح وبعد الفطور طلب من الشيخ أن يأذن له بالرحيل وأن يجهز له الإبل، فقال له الشيخ أي إبل؟ قال التي وهبتني إياها يوم أمس، فقال له: «عمي سمعتنا كلام طيب، سمعناك أطيب منه».
المجتمع الدولي يراقب الأحداث في العالم على مدار الساعة ويجتمع ويتخذ قرارات في قضايا مختلفة، وفي قضية العراق بقي المجتمع الدولي يراقب لمدة زادت على 11 سنة، وللأمانة اتخذ مواقف سبقت غزو العراق، وقد تمثلت برفض الغزو، وحتى بعد الغزو حاول أن يكون كل شيء بيده من خلال الأمم المتحدة التي دخلت بقوة وأراد ممثلها في العراق الراحل سيرجيو ديملو أن يوفر الاستقرار للبلد لكنهم قتلوه وفجروا مقر البعثة الأممية كي لا يتورط غيره بلعب دور دولي قوي في العراق.
اليوم الوضع مختلف تماماً في العراق فأمريكا عجزت عن حل مشكلة تسببت بها، سياسيو الشيعة ومن ورائهم إيران عاجزون عن فعل شيء، العرب السنة مسحوقون ومهجرون ومضطهدون، والأكراد يريدون الانفصال، لذا فالعراق يقف على مفترق طرق وقد يتمزق ويتحول إلى دويلات أقواها ستكون دولة «داعش» كونها تملك القوة والنفط، فمشكلة العراق اليوم أكبر من كونها داخلية والوضع فيها لا يهدد جيرانها فحسب بل يتعدى إلى أبعد من ذلك، ما يدعو لهذا الحديث الآن أن الفرصة مواتية ليتسلم المجتمع الدولي زمام المبادرة ويتدخل لإيجاد وضع يحل المشكلة، وقد خطت المملكة الأردنية الهاشمية خطوة مسؤولة في هذا الجانب من خلال كلمتها الأخيرة في مجلس الأمن، وأوضحت للعالم الوضع في العراق وضرورة التدخل لإصلاحه.
تدخل الأمم المتحدة في العراق أمر ضروري لا سيما وأنها تتمتع بشيء من الثقة عند العرب السنة، وقد أسمعوها آلاف القصائد عن أوضاعهم وأوضاع العراق، فهل ستتدخل لحل الأزمة أم ستسمع العراقيين كلاماً مؤثراً أكثر من كلامهم وتكون كذاك البدوي الذي محى النهار كلامه بالليل.
بقلم: د.فراس الزوبعي