منذ انطلاق عاصفة الحزم وحتى اللحظة؛ وهناك مئات التحليلات السياسية، اللافت للنظر منها تلك التحليلات المحبطة التي تتحدث عن انضمام بعض الدول المهمة للتحالف ودورها فيه من خلال النظر إلى مصالحها مع إيران ومخاوفها منها في الوقت نفسه.
استبعد بعض المحللين السياسيين مشاركة تركيا في عاصفة الحزم بشكل فاعل يتناسب وقوتها، معلقين السبب على قضيتين الأولى أن أردوغان بنى مجده على الجانب الاقتصادي في تركيا وانتقاله لعمل عسكري سيكلفه كثيراً وقد يطيح به في النهاية، لذلك سارع لزيارة إيران وتجنب في المؤتمر الصحافي الحديث عن اليمن مع أن روحاني تكلم عن ضرورة إيجاد حل سلمي يفضي إلى حكومة يمنية تشاركية، أما أردوغان فكان حديثه منصباً على الاقتصاد والتبادل التجاري الذي يتمنى إيصاله إلى 30 مليار دولار بين البلدين، أما القضية الثانية فهي وجود العلويين المتعاطفين مع إيران وأتباعها في تركيا، معتبرين من غير الممكن مجازفة تركيا بحرب تدفع هؤلاء إلى التحرك داخلها، أما باكستان الذي رفض برلمانها الانضمام إلى التحالف فيرجع بعض المحللين ذلك لأسباب أهمها أن باكستان فيها أقلية شيعية تدين بالولاء لإيران ويضم جيشها نسبة من هؤلاء، هذا بالإضافة إلى حدود برية بينها وبين إيران، لا سيما وأن سفيرها في طهران صرح قبل أيام أن العلاقة بين باكستان وإيران ودية جداً، ولا يخفى أن انضمام باكستان وتركيا للحلف يزيد من قوته وتأثيره.
هذه التحليلات تظهر إيران أنها من القوة بمكان تستطيع معه إعاقة التوحد ضدها، لكن علينا ألا نتغافل عن قضية مهمة وهي أن إيران ليست دولة خارقة تستطيع القتال على حدودها مع باكستان وتقاتل في سوريا والعراق وتسيطر على لبنان وتحرك من يواليها في تركيا وتدير معارك الحوثيين في اليمن وتسرح في مياه الخليج العربي كل ذلك في وقت واحد، وهي تعاني من داخل غير متماسك واضطرابات في الأحواز المحتلة، ولو أمعنا النظر في سياستها لوجدنا أنها تتحرك شعبياً أكثر من تحركها رسمياً بالاعتماد على أقليات في كل الدول المذكورة، في مقابل أن هذه الدول لا تتحرك إلا رسمياً وباسمها بعيداً عن الاعتماد على الفعاليات الشعبية.
عندما أرسل أبو بكر، خالد “رضي الله عنهما” للحرب في اليمامة قال له: “حاربهم بمثل ما يحاربونك به، السيف بالسيف والرمح بالرمح”، والاستمرار بعمل الدول العربية دولياً بمقابلة عمل إيران شعبياً لن يردعها ويوقفها، ولابد من استخدام سلاحها نفسه، واليوم الفرصة مواتية جداً لتفعل الدول العربية الجانب الشعبي في مواجهة إيران فلم يبق أحد إلا وأدرك خطرها، وكل ينتظر دوره للمحافظة على أمنه واستقراره، وذلك يكون من خلال طريقين الأول أن يكون لشعوب الدول الإسلامية تنسيق وعمل مشترك في المواجهة، والثاني من خلال دعم من هم داخل إيران ويعانون منها، فهناك 30% من سكانها سنة يعانون الاضطهاد، وهناك أكثر من 3.5 مليون عربي شيعي شمال الأحواز تذلهم إيران ليل نهار، كلهم يشعرون أن عمقهم في الدول العربية، كل هؤلاء إذا وجدوا الرعاية كانوا سلاحاً فاعلاً ضد إيران ومخططاتها وعنصراً مهماً في المواجهة.
بقلم: د. فراس الزوبعي