ليس مصادفة أن تتحرك المراكز والمنظمات المعنية بحقوق الإنسان وعلى رأسها منظمة «هيومن رايس ووتش» قبيل انعقاد قمة كامب ديفيد لتتحدث عن انتهاكات واسعة في مجال حقوق الإنسان في دول الخليج العربي «على حد زعمها»، بالإضافة إلى وصفها لتشريعات خليجية بالقمعية، وتتحدث عن تجريم المعارضة في الخليج، وتدعو أوباما للضغط على الزعماء المشاركين في كامب ديفيد لإجراء إصلاحات سياسية وأخرى في مجال حقوق الإنسان، كما ليس مصادفة أن يتحدث أوباما قبل القمة عن الوقت الذي حان لإجراء إصلاح سياسي، وأن الخطر الأكبر على دول الخليج لن يأتي من اجتياح إيراني لأرضهم وإنما يأتي من القلق وعم الرضا الداخلي لمواطنيهم، فماذا وراء هذه التصريحات؟
لاشك أن الإصلاحات السياسية والإصلاحات في مجال حقوق الإنسان مطلب تسعى لتحقيقه كل الدول التي تنشد التقدم ومنها دول الخليج العربي، وحتى تلك الدول الغربية التي قطعت أشواطاً طويلة فيها تسعى دائماً إلى تطويرها وتحسينها وتحقيق المزيد منها، لكن ما نعلمه علم اليقين أن أمريكا ليست حريصة على مصالح شعب الخليج العربي وما يهمها من المنطقة أمران، أمن إسرائيل وضمان تدفق النفط، وعليه فالتباكي على الإصلاحات لا ينسجم أبداً وسلوكها في المنطقة، وكذلك سلوك منظمات حقوق الإنسان التي من يسمع نبرة حديثها عن الوضع الإنساني في الخليج يتوقع أنها شقت ثوبها على ما فعله بشار الأسد والمالكي والعبادي في سوريا والعراق وما حل بحقوق الإنسان هناك، إذاً القضية لا تتعلق بحقوق الإنسان بقدر تعلقها بمستقبل المنطقة والتغيير المستقبلي لها، وبهذه الدعوات التي تصدر في هذا التوقيت لا تريد إجراء إصلاحات حقيقية بقدر ما تريد إحداث مشاكل داخلية تضعف الصف الداخلي وتزعزعه تمهيداً للتغييرات التي تسعى لها في المنطقة.
ليس من العجيب أيضاً أن يرافق هذه الدعوات ظهور الذين يدعون أنهم يمثلون المعارضة الخليجية في الخارج وتحديداً في لندن ليناقشوا الوضع الداخلي في دول الخليج العربي، كل ذلك أعاد إلى الأذهان ما حصل للعراق سنة 1991 عندما كان بإمكان أمريكا احتلاله بعد انهيار جيشه إلا أنها لم تفعل واختارت نخره من الداخل والاعتماد على من يسمون أنفسهم بالمعارضة حتى أصبح احتلاله في العام 2003 سهلاً، حتى إن وضع المعارضة الخليجية لا يختلف أبداً عن وضع المعارضة العراقية السابقة فهم لا يملكون مشروعاً سوى مشروع الالتحاق بإيران، وقلة منهم تريد ديمقراطية على النمط الغربي وهو ما لا يتناسب وثقافتنا.
الواقع أن الداخل الخليجي في ظل هذه الظروف أكثر ما يحتاج إليه هو وحدة الصف والموقف ليتمكن من مواجهة التهديدات وعدم الانشغال بما سوى ذلك، والحديث عن الإصلاحات مع أهميته إلا أنه هنا كلمة حق أريد بها باطل.
بقلم: د. فراس الزوبعي