أجزم أن الكاتب الفرنسي موريس لوبان عندما ابتكر الشخصية الخيالية «آرسين لوبين» أو اللص الظريف، التي تعود لنهاية القرن التاسع عشر وبداية القرن العشرين، وتحولت إلى مسلسل فيما بعد، لم يكن يخطر بباله أن هذا العمل سيشكل الخلفية الأمنية لوزير داخلية العراق! لا تعجبوا.. فعندما سأل باقر صولاغ الذي تنسب له أعمال التعذيب والقتل بالمثاقب الكهربائية، عن سبب تقلده منصب وزير الداخلية مع أن خلفيته المهنية لا علاقة لها بالعمل الأمني، أجاب بأن له خبرة في هذا الجانب اكتسبها منذ طفولته بسبب متابعته للمسلسلات البوليسية مثل «آرسين لوبين» و«مونت كريستو»!
كما أجزم لكم اليوم أن الكاتب «طارق الأمير» عندما كتب سيناريو الفيلم المصري «مطب صناعي» بطولة الممثل الكوميدي «أحمد حلمي»، لم يكن يخطر بباله أيضاً أن مقاطع من فيلمه ستوحي لرئيس الوزراء العراقي حيدر العبادي باعتباره القائد العام للقوات المسلحة، باستراتيجية مهمة لقتال تنظيم الدولة الإسلامية «داعش» لذا على العالم ألا يقلق بعد اليوم حيال موضوع القضاء على هذا التنظيم وهناك قائد محنك مثل «رومل العبادي».
في فيلم «مطب صناعي» كان أحمد حلمي يريد حشد أكبر عدد ممكن من الرجال ليزرع أرضه الصحراوية بالبطاطا خلال أسابيع معدودة، فذهب في إحدى الليالي إلى مقهى يضم عدداً كبيراً من الرجال وانتحل شخصية ضابط شرطة مصطحباً معه اثنين يرتدون ملابس موظفي الأمن في الشركات واختطف كل من كان في المقهى وذهب بهم إلى الصحراء، وهناك أبلغهم أنهم سيقضون فترة العقوبة في الزراعة، وجعلهم يحرثون الأرض ويزرعونها، وكان يقول لهم إنكم لن تتمكنوا من الهرب لأننا «كهربنا» رمل الصحراء المحيطة بنا!
وقبل أيام قليلة داهمت قوات من الجيش الحكومي التابع للعبادي مناطق في بغداد يتواجد فيها النازحون من أهالي محافظة الأنبار الواقعة تحت سيطرة «داعش»، فدخلـت هــذه القــوات التــي يقــدر عددهــا بـ 200 فرد إلى هذه المناطق وتحديداً إلى صالات لعب البليارد وكرة المنضدة حيث يتواجد الشباب الصغار، وهناك اعتقلت على الهوية كل الشباب الصغار النازحين من محافظة الأنبار واختطفتهم إلى جهة مجهولة، وكانت المفاجأة بعد يومين عندما تمكن بعض المخطوفين من الاتصال بذويهم وأبلغوهم أن هذه القوات اقتادتهم إلى صحراء الحبانية في الأنبار وأدخلوهم في معسكرات التدريب «قسراً» ليقاتلوا تنظيم «داعش».
يبدو أن العبادي كوزيره صولاغ مغرم بمتابعة المسلسلات والأفلام ومنها يأخذ إستراتيجياته العسكرية وخصوصاً في قضية التعبئة التي تعد مشكلة كبيرة في مواجهة «داعش»، فبعد أن تناثر جيشه ولم يبق منهم إلا هؤلاء الـ 200 «نفر» أخذ يدور بهم ليختطفوا له صبية يقاتل بهم «داعش»، بالله عليكم كيف لا يكون العراق أفشل دولة ومثل هؤلاء قادته اليوم! حقاً لقد أصبح العراق دولة الميليشيات.
بقلم: د. فراس الزوبعي