لحوم الحمير أرحم!

من أطرف القصص الواقعية التي تخص ما تقدمه بعض المطاعم، قصة سمعتها قبل سنوات عدة عن شخص كان يعمل في مشروع خارج مدينته في إحدى الدول العربية، يفصل بين موقع المشروع وبين بيته مناطق صحراوية واسعة وفي منتصف الطريق هناك استراحة فيها مطعم ومحطة وقود وبعض المحلات، وقد اعتاد هذا الشخص أن يتناول وجبة طعام كل أسبوع مرتين في مطعم الاستراحة وكانت وجبته المفضلة هي الكباب المشوي، وذات يوم اصطحب معه ابن خالته إلى موقع المشروع، وفي الطريق كان يحدثه عن الكباب الذي يحرص على تناوله في هذا المطعم وعن مذاقه المميز، وكيف أنهما بعد قليل سيصلان إلى المطعم ليجرب بنفسه ذلك الطعم، لكن عندما وصلا إلى الاستراحة تفاجأ بأن المطعم مغلق، فسأل أصحاب المحلات عن سبب إغلاقه، فقالوا له إن الشرطة جاءت وأغلقت المطعم لأنهم اكتشفوا أنه كان يذبح الحمير ويستخدم لحومها، فصمت للحظة وصفق يده اليمنى باليسرى، ومن شدة الإحراج قال لرفيقه «مع الأسف لو أكلت وجبة اليوم لكنت أكملت حماراً كاملاً لوحدي» بالتأكيد فمجموع الوجبات التي أكلها تعدل حماراً كاملاً.
قد يكون تأثير هذه القصة وما نسمعه عن ذبح الحمير وأكل لحومها في دولة هنا وأخرى هناك، أقل تأثيراً على النفوس إذا علمنا أن هناك من يهرب لحوماً «أثرية»! لغرض بيعها في المطاعم.. نعم أثرية.. فقد صادرت السلطات الصينية قبل أيام 800 طن من اللحوم المهربة بينها لحوم يعود تاريخ تجميدها إلى بداية سبعينيات القرن الماضي، وكانت اللحوم مخصصة لبيعها في المطاعم والمحلات التجارية، وهي لحوم دواجن وأبقار بلغت قيمتها 1.6 مليون دولار، هذه اللحوم غلفت وجهزت خلال الثورة الثقافية في الصين، فكيف لا تكون لحوماً أثرية، مثل هذه اللحوم يجب أن تدخل ضمن قائمة التراث العالمي لا أن تهرب وتؤكل!
المشكلة أن هذه الشحنة هي ما تم ضبطه وهي معدة للاستهلاك البشري داخل الصين والتقارير تشير إلى أنها ضبطت ضمن شحنة لحوم أخرى فاسدة مصدرها الهند أي أن اللحوم الأثرية مصدرها الهند أيضاً، بل إن مجموع ما تم ضبطه خلال الشهر الماضي فقط بلغ 100 ألف طن بقيمة 500 مليون دولار في 14 محافظة صينية، والسؤال الذي يتبادر إلى الذهن كم من اللحوم الأثرية والفاسدة لم يتم ضبطها، وهل وصلت إلى دول أخرى، وماذا لو تمكن المهربون من إدخالها إلى دولنا.
على هذا لو حصل صاحبنا على وجبته الأخيرة وأكمل أكل حمار كاملاً أرحم من أن يأكل وجبة واحدة من لحوم عاصرت ثورة الصين الثقافية.

بقلم: د. فراس الزوبعي