عندما أراد أبرهة الحبشي التحرك بجيشه ليهدم الكعبة المشرفة، بدأ رحلة البحث عن دليل عربي يعرف طريقها؛ فالأحباش لا يعرفون الطريق، كانت المشكلة أنهم كلما جاؤوا بدليل من العرب رفض مهما عرضوا عليه من المال، ولم يقبل بهذا العمل سوى أبي رغال، الذي أصبح فيما بعد رمزاً للخيانة، ذلك أن العرب في حينها لم يعرف بينهم من يخون قومه مقابل أجر.
شخصية أبو رغال تكررت كثيراً بعد ذلك في تاريخ العرب، ومع تطور الحياة وتعقدها احتاج الغزاة إلى منظمات وجماعات تلبس ثوب هذه الشخصية؛ فرجل واحد لا يكفي، من هذه الجماعات تنظيم الإخوان المسلمين في العراق ممثلاً بواجهته السياسية الحزب الإسلامي العراقي، هؤلاء جلسوا سنوات طويلة ينتظرون «أبرهة» ليجلسهم على كرسي أعرج، حتى جاءتهم أمريكا التي احتاجت في غزوها للعراق مجموعة خونة ينتسبون إليه، لتقدم باسمهم العراق الجديد للعالم، فقدموا أنفسهم لها، وليتهم قدموا أنفسهم نداً لباقي الخونة ولكنهم قبلوا دور «الكومبارس» في تمثيلية قذرة، وتصدروا الدور الهامشي والصوري الذي حددته أمريكا للعرب السنة في العراق.
لم أشأ الحديث عنهم كثيراً في الفترة السابقة؛ فالعراق فيه من المآسي ما الله به عليم، لكن يبدو أن زمن التقية في العراق قد انتهى حتى بالنسبة إلى هذا الحزب الذي وقف أحد قيادييه وهو يشغل منصب رئيس البرلمان العراقي الأسبوع الماضي في حفل الذكرى الرابعة والثلاثين لتأسيس منظمة بدر الإرهابية، أمام رئيسها الإرهابي فوصف المنظمة بأنها تحمل تأريخاً في الوقوف ضد الديكتاتوريات طوال سنواتها الأربع والثلاثين وقال إنها تستحق التهنئة والإشادة والتقدير، كما وصف رئيسها الإرهابي بابن العراق البار الذي يقود شباب الوطن في معارك الشرف، مطالباً بمنح عوائل قتلاها استحقاقات الشهداء.
المنظمة التي تكلم عن تاريخها الوطني هي منظمة أنشأها محمد باقر الحكيم في إيران وحاربت العراق مع الجيش الإيراني، ثم دخل أفرادها بعد احتلاله وأحرقوا ونهبوا مؤسسات الدولة وبدؤوا تصفية الكفاءات، هذا هو تاريخها النضالي، أما رئيسها الذي وصفه بابن العراق البار فهو جندي هارب التحق ببلده الأم إيران ليقاتل العراق، وأما حاضر هذه المنظمة فهي الآن تقود الميليشيات الإيرانية وهي التي تحرق بيوت المواطنين العرب السنة وتلقي براميل الحقد الطائفية عليهم وهي التي هجرتهم من أرضهم، و»شباب الوطن» الذين تكلم عنهم هم أفراد تلك العصابات التي تقطع الرؤوس وتحرق وتمثل بالجثث، يقول كل هذا الكلام في أسبوع كان الأشد على الأبرياء من أهل الفلوجة والرمادي وراح المئات منهم على يد المنظمة ورئيسها.
سيخرج مدافعاً من يقول هذا تصرف فردي لا يمثل الحزب، والواقع أنه لا يوجد شيء في هذا الحزب يطلق عليه تصرف فردي، فهذا قيادي يمثل الحزب في منصبه، كذلك سيخرج صبيان الحزب ليقولوا إنها السياسة وفنونها، فأقول بل هي التياسة والدياثة في أخس صورها، أبو رغال هو كل من يمكن العدو من ديار أهله ويبرر لهم وهذا ما فعله الإخوان في العراق.
بقلم: د. فراس الزوبعي