في أقل من 24 ساعة فقط، حصلت مجزرة جماعية ونسفت عشرة مساجد في واحدة من مدن العراق، ومن خلال مكبرات الصوت التي ركبت على السيارات طلب من أهلها العرب السنة حصراً مغادرتها أو الموت، والأمم المتحدة تغط في نوم عميق بعدما أنتجت مبادئ تطبقها وقتما تشاء وحيثما تشاء بشكل انتقائي، فكيف سنحفظ لها احترامها.
تفجير مزدوج استهدف أحد المقاهي الشعبية في مدينة المقدادية في محافظة ديالى العراقية، سبقه انتشار للميليشيات وانتظار لوقوع الانفجار وتجريد الشرطة من أسلحتهم وسيارتهم، ثم يقع الانفجار لتنطلق الميليشيات فوراً وتختطف أكثر من مئة رجل من العرب السنة وتعدمهم ميدانيا، ثم تهجم على مساجد المدينة وتنسفها، ثم يهدد أهل المدينة ويطلب من العرب السنة الجلاء عنها ومغادرتها، وكل من يحاول دخول المدينة من العرب السنة يقتل على الهوية فوراً، في عملية إبادة جماعية ومجازر بشعة وإجرام يشبه إجرام الصرب في البوسنة ويفوق إجرام تنظيم الدولة «داعش»، عملية تم التخطيط لها وتدبيرها بالكامل لإجراء تغيير ديمغرافي واسع في محافظة ديالى ذات الأغلبية السنية، وسيكون التغيير من خلال طرد أهلها الأصليين واستبدالهم بآخرين جاءت بهم إيران من داخلها ومن موالين لها من أماكن أخرى، ليست هي المرة الأولى التي تحصل في ديالى فقد سبقتها مجازر مثل مجزرة مسجد سارية ومصعب بن عمير وغيرها لكن هذه المرة الجريمة أشنع وأكبر.
تصر إيران على تنفيذ عملية التغيير الديمغرافي في محافظة ديالى لأنها المحافظة التي تربط إيران ببغداد بأقصر الطرق، ولها حدود معها يبلغ طولها 240 كم، لكن أين دول العالم من كل ما يحصل للناس هناك؟ أين الأمم المتحدة؟ ألم يصدر مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة تقريرا قبل أقل من سنة حدد للمرة الأولى الميليشيات الشيعية جهة مسؤولة عن هذه الأعمال في العراق، أليس من المفترض أن تبدأ الأمم المتحدة عملية حشد دولي للتدخل لحماية المدنيين في العراق؟ وهي التي أطلقت سنة 2005 مبدأ مسؤولية الحماية الدولي ووافقت عليه دول العالم، وهو مبدأ يلزم جميع الدول بحماية مدنييها من جرائم الإبادة الجماعية، وفي حال فشلت الدولة كما هو الحال في العراق، فإن المجتمع الدولي ملزم بحمايتهم بالوسائل كافة ومنها إدخال البلاد تحت الفصل السابع، واستخدام القوة العسكرية للتدخل لمنع مثل هذه الانتهاكات وحماية المدنيين، وهذا مبدأ على الأمم المتحدة أن تحترمه وتطبقه لا أن تجعل تنفيذه انتقائياً مثلما تحب، تنفذه في ليبيا وتتركه في سوريا، وعدم تنفيذه هذه المرة في العراق يعني سقوط هذه المبادرة بالكامل.
لا بد لدول العالم إذا أرادت الحفاظ على القليل المتبقي من الاحترام للأمم المتحدة ومجلس الأمن أن تتدخل عسكرياً في العراق فوراً وفق هذا المبدأ لحماية أرواح الأبرياء، فإيران تجاوزت كل الأعراف والقوانين الدولية، وإن بقي الحال على ما هو عليه فليس هناك تفسير إلا أن المذابح التي تنفذها إيران وميليشياتها في العراق تجري بموافقة الأمم المتحدة والدول الأعضاء فيها.
بقلم: د. فراس الزوبعي