عن أي توفيق تتحدث يا «حاج» هنية؟!

«نفتخر وكما في السابق بموقفكم ومواقف سائر المسؤولين في الجمهورية الإيرانية الداعمة للشعب الفلسطيني ونتمنى لقائد الثورة مزيداً من التوفيق».
بهذه الكلمات خاطب إسماعيل هنية علي لاريجاني بمناسبة فوزه برئاسة مجلس الشورى الإيراني، وذلك على ذمة وكالة «فارس» التي لا ذمة لها، لكن وبعد أن مضى على الخبر عشرون يوماً ولم تكذبه «حماس» أو هنية، بل أعقبه تصريح رسمي لموسى أبي مرزوق يقول فيه: «ما قدمته إيران من دعم للمقاومة الفلسطينية على صعيد الإمداد والتدريب أو المال لا يوازيه سقف آخر، ولا تستطيعه معظم الدول»، يكون هنية وحماس قد أقروا بما نقلته وكالة «فارس»، وهنا لا بد من وقفة اختصرها بقصة واقعية؛ قبل سنوات طويلة وفي منتصف ظهيرة شهر أغسطس اللاهب وقف رجل كبير السن بسيط الفكر لا يجيد القراءة والكتابة على أحد شوارع الطرق الخارجية في العراق يريد الانتقال من منطقة إلى أخرى، يلوح بيده لسيارات قومه المارة لعل أحدهم يأخذه معه، وبعد عناء طويل واستياء من عدم مساعدة الناس له توقفت إحدى سيارات الإنجليز الذين يعملون في شركات النفط، وهم يحتلون العراق في وقتها، فحملوا الرجل معهم، عندما جلس في المقعد الخلفي بدأ يتحدث إليهم بلغته العربية التي لا يفهمون منها شيئاً محاولاً شكرهم، قائلاً لهم: «بماذا أدعو الله أن يجزيكم؟ بالجمال؟ الله عطاكم الجمال، بالعلم؟ الله عطاكم العلم، بالمال؟ الله عطاكم المال، لكن تدرون شلون.. روحوا الله ينصركم على أمة محمد».
يا حاج هنية إن لم تكن تعلم، فبقولك لعلي لاريجاني «نتمنى لقائد الثورة مزيداً من التوفيق» قد فعلت كما فعل ذلك الرجل الجاهل، عندما دعا لغير المسلمين بالنصر على المسلمين، خصوصاً أنه لم يعد خافياً على أحد أنه ليس لخامنئي عمل يخدم البشرية لتدعو له بالتوفيق وكل عمله الحالي هو إثارة الفتن في بلاد المسلمين، وقتلهم في العراق وسوريا، يا «حاج» هنية أنت وبشكل غير مباشر تدعو لـ «الحاج» قاسم سليماني أن يوفق في المهمة التي كلفه بها خامنئي مباشرة، فما الذي حدث لتتمنى لخامنئي التوفيق؟ هل استجاب للنداء الذي وجهته لإيران قبل أشهر عندما طلبت منها أن تكون إيران الحاضنة الإستراتيجية لكم؟ فإن قلتم نحن معذورون ولا يحق لأحد من العرب أن يعترض على سياستنا بعد أن خذلتنا الدول العربية وتركتنا دون دعم، فنقول لكم هذا لا يبرر لكم الارتماء بحضن الولي الفقيه الصفوي وكلنا يعلم أن الصفويين خرجوا من رحم اليهود الذين تقاومونهم اليوم.
لقد حصل ذلك الرجل البسيط على «توصيلة» من الإنجليز، فهل حصلتم من الصفويين على شيء وهم يكنون لكم العداء لا لشيء إلا لأنكم مسلمون؟ ربما لم يشوه ذلك الرجل سمعته ولم يؤثر على أحد فهو لا يمثل إلا نفسه، أما إيران فتعلن دعمها لكم وتجعلكم تطبلون لها لتحرق أسهمكم في الشارع العربي، وفي نهاية المطاف سيكون وقع سماع كلمة «المقاومة» الصادرة عنكم، كوقعها وهي تصدر عن «حزب الله»، على أذن المستمع العربي، مع فارق أن إيران ستترككم بعدها وتبقي على دعمها لـ «حزب الله».

بقلم: د. فراس الزوبعي