الدب في الفخ والفرص متاحة

أشهر طويلة مضت على نصب الصياد الغربي فخه للدب الروسي، وفي النهاية تمكن من الإيقاع به، فبدأت طبول الحرب تقرع ومعها فرص جديدة تتاح للعرب والخليج على وجه الخصوص.
أوكرانيا كانت ذلك الفخ الذي نصبه الغرب لروسيا، فنجحت الأخيرة خلال الفترة الماضية من السير على جوانبه دون الوقوع فيه، واقتطعت جزءاً منه «شبه جزيرة القرم» وأدارت صراعاً في جزئه الشرقي بشكل غير مباشر عن طريق دعم الانفصاليين بالمال والسلاح والرجال، وهي الطريقة ذاتها التي اتبعتها إيران مع نظام بشار في سوريا، ومؤخراً تدخلت بشكل عسكري محدود تزامن مع نفي إعلامي لذلك التدخل من جانبها، تدخل جاء لإنقاذ الانفصاليين الذين لن تسمح روسيا بانهيارهم، وذلك لأسباب عدة منها وجود القواعد والصناعات العسكرية التكاملية مع أوكرانيا وأهمها مصانع الطائرات والصواريخ، ومنها الكثافة الروسية المتمركزة في الشرق، والأهم من ذلك كله أن روسيا لا تريد للناتو أن يكون في حديقتها الخلفية ولا تريد لأوكرانيا الانضمام للاتحاد الأوربي.
وإن سمحت في السابق لليتوانيا وأستونيا وغيرهما بالانضمام للناتو فذلك لأن وضعها لم يكن بالقوة التي عليها اليوم، ولن تترك أوكرانيا تستقر إلا إذا تأكدت أنها ستكون دولة محايدة لا علاقة لها بالاتحاد الأوربي، لكن مع كل ذلك وقعت روسيا في الفخ الغربي عندما دخلت بقواتها مؤخراً إلى الجزء الشرقي من أوكرانيا، مما جعل الرئيس الأوكراني يعلن أن بلاده تعرضت للغزو الروسي وطالب الغربيين بالتدخل، فكانت النتيجة قرع الناتو طبول الحرب بإعلان سبع دول فيه تخطيطها لتشكيل قوة قوامها 10000 جندي تقودهم بريطانيا ويتوقع أن يعلن رئيس الوزراء البريطاني ديفيد كاميرون هذا الأسبوع عن تشكيلها.
أما الوضع في أوكرانيا فهو صعب جداً، فاقتصادها مهدد وعملتها في هبوط مستمر أمام الدولار الأمريكي، وجيشها يجمع التبرعات من الشعب، والجنود بلا سلاح، وقد دخلنا في شهر سبتمبر والحكومة قطعت ضخ المياه الدافئة إلى المنازل بالإضافة إلى قطع التدفئة، لأن روسيا رفعت أسعار الغاز على أوكرانيا ليصبح سعر الألف متراً مكعباً منه 500 دولار، علماً أن أوكرانيا تحتاج سنوياً 50 مليار متر مكعب من الغاز، والناس هناك في حيرة فغالبهم لا يتمكن من شراء السخانات أو حتى دفع فواتير كهربائها، ولم تحصل أوكرانيا لغاية الآن على دعم اقتصادي حقيقي من الاتحاد الأوربي أو غيره، كل ذلك يعد أرضية وفرصة جيدة لتتدخل دول الخليج بالدعم الاقتصادي وتوجه استثماراتها إلى أوكرانيا التي تتمتع بمصانع عملاقة ومراكز دراسات وبحوث وتطوير في كل المجالات، واجتماع المال الخليجي بالخبرة الأوكرانية سيشكل متغيراً جديداً.
أوكرانيا ذاهبة نحو الانضمام للاتحاد الأوربي وحلف شمال الأطلسي الناتو والدخول في اتفاقات معها يعد مكسباً حقيقياً لمن يريد ذلك.

بقلم: د. فراس الزوبعي