«مهاوش ما يهاوش»

مع احترامي لكل الأسماء، أذكر في ما أذكر قبل أكثر من خمس عشرة سنة أعدم رجل في إحدى الدول العربية بتهمة السمسرة والعمل في سوق النخاسة، الطريف في الأمر أن اسمه كان شريف «والله والشرف»، ربما كان يأمل من سماه أن يكون كذلك ولكنه خذله، كما تعرفت على رجل اسمه «مهاوش» وكانت العلاقة بينه وبين «الهواش» تشبه علاقة «إسماعيل ياسين» بالمصارعة الحرة، ووجدت آخر يضع لنفسه معرفاً في وسائل التواصل الاجتماعي عنوانه «مخاوي الليل» والأخ «رايح» في غيبوبة يومياً من بعد صلاة العشاء وحتى الضحى، حتى أسماء الأماكن فيها هذا التناقض فهناك حي اسمه الحي العصري، ومنشآته تعود للعصر الحجري، فليس شرطاً أن تتطابق الأسماء ومحتواها.
من المقبول والمفهوم أن من يضع اسماً لشخص أو مكان فإنه يأمل أن يكون له من اسمه نصيب، وهو غير مسؤول عن المستقبل والنتائج، ولكن من غير المفهوم والمقبول أن تضع من البداية اسماً لا ينطبق على محتواه كأن تسمي سجناً بسجن الحرية! ليس هذا من ضرب الخيال بل هو حقيقة يعيشها نزلاء مخيم الحرية «ليبرتي» في العراق وكلهم من أفراد منظمة مجاهدي خلق الإيرانية أكبر حركة معارضة لنظام ملالي طهران، وهي حركة عريقة تأسست سنة 1965 على أيدي مثقفين إيرانيين بهدف إسقاط نظام الشاه، وبعد أن تم ذلك بمساهمة فاعلة منهم ظهر الخلاف بينهم وبين الملالي ليصل بعد عامين ونصف إلى الاقتتال فلجأوا إلى العراق وفرنسا وعاشوا في العراق معززين مكرمين حتى الاحتلال لتبدأ معاناتهم، فإيران التي بينهم وبينها حرب احتلت العراق وأصبحوا تحت مطرقتها فوضعوا في معسكر اسمه أشرف حتى انقض عليهم المالكي بأمر من إيران وأحدث فيهم مجزرة نقلوا على إثرها بالاتفاق مع الأمم المتحدة إلى مخيم ليبرتي قرب مطار بغداد تمهيداً لإغلاق ملفهم وتوطينهم في دول أوروبية.
مخيم ليبرتي أو الحرية هذا ليس له أدنى علاقة باسمه فهو سجن والسجون تنشأ لسلب الحرية، ومنذ أن نقل أفراد المنظمة إلى هذا المخيم في 2012 وهم يعيشون في ظروف سيئة، إلا أن زيارة علي شمخاني الأمين العام لمجلس الأمن القومي الإيراني الأخيرة إلى العراق أوضحت استراتيجية إيران الجديدة تجاههم، فيبدو أنه أمر النظام العراقي بتشديد الحصار على المخيم، وبحلول اليوم يكون قد مر عشرين يوماً على حصار خانق يمنع دخول أي شيء للمخيم بما في ذلك الطعام والأدوية ومياه الشرب والغسيل والوقود، وكذلك منع خروج المرضى أصحاب الحالات الحرجة للعلاج في المستشفيات، ولكم أن تتخيلوا حال سكان المخيم في صيف العراق.
استراتيجية إيران تجاه منظمة مجاهدي خلق تقتضي تصفيتهم والقضاء عليهم بطريقة الموت البطيء، فهل سيقلق بان كي مون؟! أو على أقل تقدير يطالب بتغيير اسم المخيم.

بقلم: د. فراس الزوبعي