بعد ماليزيا وجزر القمر، السودان تلتحق بركب الدول التي رفضت الاحتراق بورقة الدين التي تلعب بها طهران، أكثر من دافع للحدث والنتيجة واحدة.
هكذا ودون مقدمات تخلت السودان عن حليفها الفارسي وأمرت بإغلاق ملحقيته الثقافية في الخرطوم مطالبة المستشار الثقافي وطاقمه مغادرة البلاد خلال 72 ساعة بعدما تجاوزت الملحقية الثقافية كل الحدود وتخطت الصلاحيات الممنوحة لها، الكل يعلم أن مهمة الملحقيات الثقافية هو التبادل الثقافي بين البلدين وتنظيم شؤون البعثات الدراسية وكل ما له علاقة بمجال الثقافة، حتى أن المستشار الثقافي لأي سفارة في العالم هو أستاذ جامعي أو تربوي منتدب من وزارة التعليم في بلاده وليس من وزارة الخارجية، أما بالنسبة لإيران فالموضوع مختلف لأن ملحقياتها الثقافية مؤسسات لنشر التشيع الذي تتخذه إيران مطية تركبها لتحقيق حلمها بإعادة امبراطورية فارس والهيمنة على الدول، وبالتالي فإن ملحقيات إيران الثقافية تحاكي في عملها المحافل الماسونية اليهودية، وتتخذها إيران قواعد ومقرات للتجنيد والتجسس، ولا بد لمن أراد الحفاظ على بلده من اتخاذ موقف تجاهها.
ورغم أن المراقبين ذكروا جملة أسباب كانت وراء إغلاق الملحقية الثقافية في الخرطوم إلا أنها بالتأكيد لم تكن طائفية فقد سبق وأن حذر علماء سودانيون كبار، الحكومة السودانية من خطر السفارة الإيرانية وأنها تعبث بالجانب الطائفي في السودان، إلا أن الحكومة لم تلتفت لهذه التحذيرات بل حرصت على مشاركة الملحقية أنشطتها وكان آخرها قبل أيام عندما أحيا الاتحاد العام للمرأة في السودان «الواجهة النسائية لحزب البشير» ذكرى ميلاد السيدة فاطمة رضي الله عنها، بالتعاون مع الملحقية الثقافية ورفعوا في احتفالهم شعاراً للخميني عنوانه «من أحضان المرأة ينطلق الرجل نحو الكمال»، ولم تبق إلا المصلحة التي كانت وراء هذا القرار فالسودان تعاني من مشاكل اقتصادية كبيرة وعلاقتها مع إيران علاقة قوية تكاد تصل إلى التحالف لكنها في الجانب العسكري والأمني أما الجانب الاقتصادي فإيران تبذل في أفريقيا وغيرها على الأفراد الذين يكونون تابعين لها ولا تنفق على الدول وبناها التحتية، أما علاقة السودان بدول الخليج فتختلف كونها علاقة اقتصادية ودول الخليج لها استثمارات كبيرة في السودان وهي ترفض التقارب الإيراني السوداني، وعليه فإن قرار السودان صائب تماماً وقد اختارت الحكومة السودانية الكفة الراجحة في علاقاتها، وربما سينهي هذا القرار المقاطعة البنكية للمصارف الخليجية التي رفضت مؤخراً التعامل مع الاعتمادات البنكية الواردة من الخرطوم لاستيراد دقيق الخبز وبعض السلع الرئيسة.
أياً كانت الأسباب وراء إغلاق الملحقية الثقافية فهي خطوة موفقة وإن جاءت متأخرة، ويبقى أمام السودان تحديات لمواجهة أثر الملحقية السابق فقد بذرت إيران البذور وتركت بيضها وراءها، ولابد من مشاريع وخطط مدروسة للتخلص من مخلفاتها.
بقلم: د. فراس الزوبعي